يعود مجلس الوزراء الى الانعقاد في السراي الحكومي اليوم، وكما هو معلوم انّ مشروع الكابيتال كونترول هو أحد بنود جدول اعمالها.
وفيما تردّد انّ وزير المال غازي وزنة، الذي أعدّ مشروع القانون، سيطلب خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم سحبه نهائياً، قالت مصادر وزارية مواكبة لهذا الملف لـ«الجمهورية» انه بمعزل عن طلب الوزير سحب المشروع ام لا، فإنّ إقرار هذا المشروع في جلسة مجلس الوزراء اليوم مُستبعد لأسباب جوهريَّة:
الاول، إنعقاد مجلس الوزراء في السراي الحكومي، ذلك انّ مشروعاً بهذه الاهمية والحساسية يتطلب عقد الجلسة في القصر الجمهوري في بعبدا، على غرار الجلسات التي تعقد برئاسة رئيس الجمهورية لاتخاذ قرارات مهمة، علماً انّ مجلس الوزراء سينعقد مجدداً الخميس المقبل في بعبدا، وفي جدول اعمال الجلسة تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة كما توقع وزير المال غازي وزنة، الذي أشار انّ هذه التعيينات ستشمل أربعة نواب جدد للحاكم.
الثاني، المداخلات والملاحظات التي أبديت من المستشارين ومن مصرف لبنان وجمعية المصارف، التي أدّت الى تعديلات كثيرة تمّ إدخالها على مشروع وزير المالية، وعلى نحو شَوّه مضمونه والهدف منه، علماً انّ ملاحظات اضافية وضعها الوزراء سيتم طرحها في جلسة مجلس الوزراء اليوم.
الثالث، الاعتراضات الشديدة على هذا المشروع، وخصوصاً من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي عاد وأكد في الساعات الماضية انّ مشروع «الكابيتال كونترول» غير وارد بالنسبة إليه نظراً لِما يشكّله من مخالفة صريحة وفاقعة للدستور، فضلاً عن أنه يُسيء للمودعين ويعتدي على حقوقهم، ولا يعطيهم حقوقهم بشكل كامل، خصوصاً بالنسبة الى السحوبات بالدولار. وينتظر ان تشهد جلسة مجلس الوزراء اليوم إبداء ملاحظات من قبل الوزيرين اللذين سمّاهما رئيس مجلس النواب نبيه بري تنسجم مع موقفه، ومن غير المستبعد ان يعمد وزير المال الى طلب سحبه.
وقالت مصادر عين التينة لـ«الجمهورية» انّ رئيس المجلس سبق له ان أكد رفضه لأيّ مشروع، سواء أكان كابيتال كونترول او غيره، من شأنه أن يمسّ بحقوق المودعين، ومن هنا جاء تأكيده اكثر من مرة على انّ ودائع الناس مقدسة.
وبحسب المصادر فإنّ المشروع «لا يصبّ على الاطلاق في مصلحة المودعين، بل هو في جوهره يقدم جائزة ترضية للمصارف التي تعاطَت بطريقة غير مسؤولة مع المودعين منذ بدء الازمة، وتلاعبت بحقوقهم الى حد جعلتهم متسوّلين لحقوقهم على ابوابها».
وأكدت المصادر «انّ المصارف هي التي ساهمت بشكل واضح وأكيد في مفاقمة أزمة الودائع، عبر تهريب الاموال الى الخارج، ومنذ بداية الازمة، بادرَت هي الى تطبيق «الكابيتال كونترول» على ودائع اللبنانيين، من دون الاتفاق معهم، وبغير رضاهم، سواء على اصحاب الودائع بالليرة اللبنانية من خلال وضع سقوف للدفوعات، او على اصحاب الودائع بالدولار والعملات الاجنبية، بحيث تدرّجت دفعاتها لهم ومن دون اي مبرر او مسوّغ قانوني، من 1000 دولار في بداية الامر، وقَبلَ المودعون بهذا الأمر رغماً عنهم، ثم الى 500 دولار أسبوعياً، ثم في مرحلة لاحقة الى 300 دولار وصولاً الى 150 دولاراً وما دون. وهذا الامر سبق لرئيس المجلس أن طرحه مباشرة مع رئيس جمعية المصارف سليم نصار، وأكد على مسؤولية المصارف في افتعال هذه الامور، وحلّها وحدها، وليس على حساب المودعين».
وأشارت المصادر انّ «هذا المشروع المطروح بصفة المعجّل، لا يحقق من قريب او بعيد مصلحة المودعين. ومن هنا جاء تأكيد رئيس المجلس بأنّ هذا المشروع غير وارد السير فيه من قبله، فضلاً عن انه مخالف للفقرة «و» من مقدمة الدستور، التي هي جزء لا يتجزّأ منه. وبالتالي، لا يمكن السير بأيّ مشروع فيه مسّ بالدستور».