من المفيد بالطبع الامتناع عن المساجلة في أيام محنة الكورونا السوداء التي تحيط بالعالم أجمع، فالناس تُعاني من جرّاء هذا الوباء ما يفوق الوصف، ويُدمي القلوب، وهذا يحدونا اليوم لعدم المساجلة في الخطاب المُسهب الذي تلاهُ بالأمس السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، حول قضية العميل عامر الفاخوري( آمر سجن الخيام أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان).
اقرا ايضا ً : هل تُطيح الكورونا بالثورة الصناعية، والعودة لما قبل التاريخ؟
فالعميل أصبح خارج البلاد، ورئيس المحكمة العسكرية التي أفرجت عنه، تنحّى عن منصبه، بعد أن برّر قرار المحكمة بوجوب الإلتزام بالقوانين النّافذة المعمول بها( وهذه ربما فضيلة وليست رذيلة)، ولعلّ أفضل ما يمكن التعليق به على المُبرّرات الطويلة والمُعقّدة، التي قدّمها نصرالله لتبرير سلوك الحزب قبل حكم المحكمة العسكرية وبعدها، أنّها كانت بمعظمها لزوم ما لا يلزم، ذلك أنّه لن يُصدّق أحدٌ في لبنان أنّ حزب الله كان بمنأى عن مجريات قضية الفاخوري، سواء كان ذلك اقتناعاً أو تجنّياً، كما لن يُصدّق أحدٌ في هذا البلد أنّ الحزب ليس مُهيمناً ومُتحكّماً بمعظم مفاصل الحياة السياسية والعسكرية والأمنية، كما يحلو للسّيد أن يُكرّره المرّة تلو الأخرى، وهذه ليست شُبهة ولا تُهمة، ولا تجنّياً وظُلماً، هذا واقعٌ وظاهرٌ للعيان، ولا مجال لإخفائه، ولعلّه كان من الأفضل لو أنّ سماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله أقرّ بمسؤوليةٍ ما في هذه القضية، وذلك حرصاً على المصداقية الشخصية، وحرصاً على حدٍّ أدنى من المسؤولية الوطنية والأخلاقية، وعدم رميها على قُضاةٍ قاموا بواجبهم المهني والحقوقي والقانوني، ومحاولة الإشادة بقُضاة قاموا بإجراءاتٍ بعد انتهاء القضية لا تُقدّم ولا تُؤخّر.
قال الشاعر:
إيّاك والأمر الذي إن توسّعت
مواردُهُ ضاقت عليك المصادرُ
فما حسنٌ أن يعذر المرء نفسه
وليس له من سائر الناس عاذرُ.