يشكل بيان الشيخ ماهر حمود امس "نقلة" نوعية في خطابه تجاه "حزب الله" وامينه العام، حيث حمله مباشرة مع جمهور "المقاومة" مسؤولية تغطية فضيحة العميل عامر الفاخوري واشار الى انتظار التوضيحات المباشرة من "السيد".
من يقرأ سيرة الشيخ ماهر حمود احد حلفاء ايران و”حزب الله” البارزين، وانه من مؤسسي “تجمع العلماء والمسلمين” العام 1982، ومسؤول رئيسي فيه حتى العام 1994 كما لعب دوراً بارزاً في مواجهة اتفاق 17 أيار، ودوراً بارزاً في انتفاضة 6 شباط ، يعرفان “رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة” الحالي الى انه لا يمكنه السكوت او المساومة في ملف العمالة او العداء لاسرائيل.
وفي بيانه امس اثار الشيخ حمود عاصفة من الردود، حيث “اثلج” البيان صدر “الاسلاميين” السُنّة المتحالفين مع “حزب الله” في صيدا والبقاع وحتى بيروت. فلا يمكن لحمود وفق مصادر سنية ان يسكت عن تبرئة العميل عامر الفاخوري، ولا يمكنه تبرئة “حزب الله” و”حركة امل” مما جرى، لذلك اصدر بياناً عنيفاً ضمنه اشارات مبطنة بصيغة تساؤلات الى المسؤول الحقيقي لخراب البلد وانجاز هذه الصفقة.
لكن الابرز في بيانه غير المسبوق هو تناول حمود الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مباشرة ولو بعبارات “ناعمة” و”معمقة” ولومه صراحة على هذا القرار غير المتوقع وغير المحتمل شعبوياً. وضمن حمود كلامه سؤال على لسان جمهور “المقاومة” العاتب على نصرالله وانه “ينتظر جوابا من سماحته يصارحه فيه مباشرة: هل ما حصل (اي اطلاق سراح العميل فاخوري) هو وفاء؟ وما حدود الوفاء والشرعية، وهل الوفاء يتضمن مخالفة البديهيات الشرعية والوطنية؟
وبذلك يُحمل حمود ضمناً نصرالله مسؤولية هذه الفضيحة ولو كانت من باب الوفاء للعلاقة مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل وكذلك مع رئيس الجمهورية الرئيس ميشال عون، فهل يبرر الوفاء تشريع العمالة وتبرئة العملاء؟
ويشير حمود الى النتائج السلبية لتفاهم مار مخايل والذي اوصل باسيل صاحب هذا المنطق:” عندما يقول له الحليف: وقفت معك في عدوان 2006، ووقفت معك في المحافل الدولية، أمنت لك غطاءً “مسيحيا” لمقاومة “إسلامية إرهابية”، وأعطيتك كذا وكذا، الخ، أعطني مقابل ذلك هذا العميل”.
ويؤكد حمود ان في حين العهد انتهى وان التفاهم بين التيار والحزب انتهى كان “أمام سماحته خياران، إما أن ينقض هذا “التحالف التاريخي”، وإما أن يكون وفياً رغم مرارة هذا الوفاء أو حتى أكثر من ذلك”.
وهنا يذهب حمود بعيداً في قصده انه كان على نصرالله من البداية ان لا ينساق وراء باسيل الى درجة تغطية وتبرير اطلاق العملاء من فايز كرم الى الفاخوري. وان عليه ان لا يفكر مرتين عندما يخير بين تفاهم مكلف للحزب الى درجة تغطية فضية جزار الخيام.
تغطية على تورط “حزب الله”
في المقابل ترى مصادر معارضة لـ”حزب الله” ان بيان حمود العنيف تجاه العهد وجبران باسيل ليس الا للتورية عن مسؤولية “حزب الله”، في إطلاق سراح الفاخوري وان كل الاجراءات تمت بموافقته او بالحد الادنى بـ”غض نظر منه”. وكل “الفيلم” اليوم جار لتلبيس القضية والتهمة للعميد حسين العبدالله وبذلك يكون كبش المحرقة للحزب والرئيس نبيه بري ولاسكات الغضب الشيعي عما حصل!
وفي بيانه صوب حمود في اتجاه باسيل عندما المح الى ان “مشروع استقدام هذا العميل إلى لبنان لم يكن وقتها مشروعا أميركيا، كان مشروعا لبنانيا بامتياز (بطله معروف لدى الجميع)، ضمن التنافس اللاهث نحو أحقية التمثيل المسيحي، والذي لن يجني منه صاحبه إلا الخسران على الصعيدين الإسلامي والمسيحي”. وهنا يقصد حمود وفق المصادر ان باسيل اراد المزايدة مسيحياً باستقطاب العملاء وتنظيف سجلاتهم ومن جهة ثانية “تبييض وجهه” مع الاميركيين ليكون الرئيس الفعلي دستورياً وليس رئيس الظل “المخفي” اليوم.
“سحر” مؤذ لباسيل على عون
وإستمراراً للتبرير لنصرالله، والصاق جزء من “قميص” التهمة لعون الضعيف، والذي وفق المصادر، انه يتأثر بقرارات باسيل و”سحره”، يجد حمود في بيانه ضالته في الاستمرار بتبرئة “حزب الله” واتهام العهد والرئيس ميشال عون عندما قال: “انتهى العهد، نعم إلى حد كبير مسمار يكاد يكون الأخير، وليحمل كل مسؤولية… في المرحلة القادمة. والسؤال يطرح نفسه: هل انتهى تحالف حزب الله والتيار العوني، أو هل هو على طريق النهاية”؟
وهنا تستغرب المصادر سؤال حمود هنا وهوالمعروف ان قنواته مفتوحة مع الحزب مباشرة فهل يحتاج الى بيان في الاعلام لمخاطبته والجمهور الشيعي والجمهور السني الممانع؟
وهل يكشف سراً عندما يقول ان العهد انتهى؟ اليس هو كذلك؟ وهو يدخل سنته الرابعة من الولاية وفي أسوا ظروفه مالياً واقتصادياً وصحياً وفي وضع لا يحسده الكافر” عليه.
وتشير المصادر الى ان ابعد من قراءة بيان حمود هو قراءة المتغيرات بعد هذا البيان، وبعد إطلاق سراح الفاخوري بهذه الطريقة اذ تبدو ملامح مرحلة سياسية داخلية جديدة، وخصوصاً ان ايران سبقت السيد حسن نصرالله منذ ايام الى استعطاف الاميركيين لتخفيف العقوبات ومناشدة صندوق النقد الدولي للمساعدة المالية العاجلة. وهو امر اعلنه الايرانيون ومن بعدهم نصرالله. وهذا يؤشر وفق المصادر الى ان مهمة بيان حمود وكل حلفاء “حزب الله ” وحتى بيان الحزب نفسه وحيدة فقط، وهي الاعلان عن مرحلة جديدة من الخضوع، وابداء المرونة تجاه تبادل البيع والشراء مع الاميركي، وعقد الصفقات، من اجل الاستمرار بالسلطة والحاجة الى تمويل في ظل العقوبات الخانقة.