هذا جوليان، شاب عمره ٢٦ سنة، يعمل كمهندس سكك حديد و يعيش في مدينة فرنسيّة تُدعى بوردو. جوليان كان يتعب في عمله كثيراً ويجاهد ليُطوّر مهاراته كونه خرّيجٌ جامعي جديد. جوليان يوم السبت الفائت عندما كانت حكومته تناشده ليعاني قليلاً أكثر ويصبر ويبقى في المنزل ولا يخرج، قرّر هو أن يخرج لمدّة ساعةٍ فقط ليحتسي كوباً من القهوة مع صديقه العزيز. جوليان كان ذكيّاً لأنّه كان يعلم أنّ في مدينته أعداداً قليلةً جدّاً من المصابين وأنّه لن يتضرّر أبداً اذا ما خرج قليلاً لينسى هموم عمله.
اليوم الأربعاء جميع من كانوا في المقهى مع جوليان لا يعانون من شيء، صديق جوليان الذي حمل له الكورونا ايضاً لا يعاني من شيء، ولكن انظروا الى جوليان، مستلقٍ غير واعٍ، بعد أن أداره طبيب الإنعاش الخاص به لينام على بطنه علّ رئتيه المنهكتين تكسبان قليلاً من الأوكسيجين، انظروا اليه قابعاً في الطابق السفلي من مستشفى بوردو الجامعي الخاص بالعناية الفائقة والذي لا يصله وميض نورٍ من الشمس، انظروا اليه وحيداً محاطاً بالجماد، انظروا اليه جيّداً وتخايلوا المكان والشعور والألم.
جوليان أُصيب بمتلازمة الضائقة التنفسيّة الحادّة بعد أن فتك به الفيروس، جوليان منذ عدّة أيّام كانت أحلامه لا تتّسعها السماء، أمّا اليوم فكلّ ما يحلم به و عائلته هو أن يفتح عينه ليرى غيمةً واحدةً فقط.
كان كوب القهوة رخيصاً جدّاً بالنسبة لجوليان، لكنّه يكاد يكلّفه الحياة ...