الطبيبة النفسية لولوة كالويروس، المدربة في برنامج نجوم العلوم التلفزيوني التابع لمؤسسة قطر تتحدث عن كيفية التأقلم مع الظروف الراهنة في ظل مواجهة فيروس كورونا (كوفيد-19) من خلال اتباعنا نمط حياة معين واكتشاف اهتمامات جديدة
 
الذعر والخوف والقلق والهلع هي ليست سوى بعضًا من المشاعر التي نواجهها في الوقت الراهن في ظل انتشار وباء كورونا (كوفيد-19) على مستوى العالم، وهي مشاعر مبررة، حيث أن العالم بأكمله يمر بأزمة غير مسبوقة، تحمل في طياتها الكثير من الغموض. ولكن هل تساعدنا تلك المشاعر على تخطي الأزمة؟ بالطبع لا. وهل يمكننا تجنب تلك المشاعر؟ مرة أخرى، بالطبع لا.
نحن بشر، والخوف هو أحد المشاعر الإنسانية الأساسية. وهو ردة فعلنا الطبيعية حيال خطر يهدد مصير بقائنا. فهذا الفيروس حديث الظهور مخيف ومعدي بوتيرة سريعة، بل مميت في بعض الحالات، والجزء الأصعب هو أننا لا نعلم سوى القليل عن كيفية عمله. عدونا في الوضع الحالي غامض، يعيث فسادًا بحياتنا اليومية.  
نحن أمام مجموعة جديدة من التحديات التي علينا التصدي لها، بالإضافة إلى التحديات الأخرى التي نواجهها بالفعل. فنحن الآن مضطرين لممارسة أعمالنا عبر الإنترنت، والتواصل الاجتماعي عن بُعد، وفي أغلب الوقت نجد أنفسنا غارقين في كمّ هائل من المعلومات من مصادر عديدة. في النهاية قد تنال مشاعر الملل، والارتباك والإرهاق منّا جميعًا، لأننا بطبيعتنا كائنات اجتماعية تسعى إلى التواصل الإنساني، والتحديات التي يمكن التنبؤ بها والمجازفة التي نقوم بها غالبًا ما تكون محسوبة.  
 
 
ولكن في الوقت الحالي، نجد أنفسنا في حالة من الاضطراب العاطفي، وعلينا السعي لاجتياز تلك الأزمة والنأي بأنفسنا إلى برّ الأمان. فمعظمنا لم يضطر مسبقًا إلى التعامل مع هذا الكم من الصعوبات في فترة زمنية قصيرة.  
ما الذي يمكننا أن نفعله؟ 
نحن محاطون بالعديد من النصائح اليومية عن كيفية الحفاظ على صحتنا البدنية وكيفية إدارة حياتنا المحيطة بنا، وبينما نحاول التأقلم على هذا النمط الجديد من الممارسة الحياتية، فمن الضروري أن نهتم بالحفاظ على صحتنا النفسية أيضًا. 
لذا، هناك العشرات من المواقع الإلكترونية، ومنصات التواصل الاجتماعي المليئة بقائمة طويلة من النصائح لمساعدتنا على التكيف مع هذا الوضع؛ وهي قوائم طويلة لدرجة أنها تتركنا أكثر ارتباكًا، وفي أغلب الوقت تدفعنا لمقاومة كل شيء، والانغماس في حالة من اللامبالاة العاطفية والسلوكية. ويكون خط دفاعنا الأول في هذه الحالة هو الإسراف في الطعام، والإغراق في الأفكار الانهزامية والعادات السيئة، وهو ما يؤدي بنا إلى الاستسلام لمشاعر القلق والاكتئاب في نهاية المطاف.    
كتب فيكتور فرانكل طبيب الأمراض العصبية والنفسية النمساوية:" عندما نكون غير قادرين على تغيير وضع ما، فإننا نواجَهه بتحد آخر، ألا وهو تغيير أنفسنا". وأفضل طريقة دفاعية في هذا الوضع هو بالتعامل مع أنفسنا بروّية، وتكريس روتين يومي مشابه قدر المستطاع ليومنا الطبيعي، كالاستيقاظ في الميعاد المعتاد، الاعتناء بصحتنا ونظافة محيطنا، ووضع خطة لليوم. بالإضافة إلى وضع جدول زمني يمكّننا من الموازنة بين العمل والدراسة، وممارسة التمارين الرياضية، وتناول ثلاث وجبات صحية، وتكريس بعض الوقت لممارسة هواية ممتعة.  
 
 
 
هذه أيضًا فرصة رائعة لاكتشاف اهتمامات جديدة. على سبيل المثال الرسم، البستنة، الأعمال اليدوية بل وتعلّم الطهي. يمكننا أيضًا التعرف على طرق جديدة لمساعدتنا على الاسترخاء مثل اليوجا، تاي تشي، وممارسة التأمل الذي يساعد على اتزان العقل والجسد. كما أنه يمكننا تعلم كلّ شيء بصورة عامة عبر الإنترنت، وذلك من خلال مواقع احترافية أو من خلال مشاهدة فيديوهات مفيدة عبر اليوتيوب. 
في حال كانت لديكم كتب اشتريتموها سابقًا ولم تجدوا الوقت لقراءتها، الآن حانت الفرصة لإثراء معارفكم وخيالكم، إذ يمكنكم تخصيص 30 دقيقة يوميًا لقراءة الكتب، حيث أن القراءة مهارة دائمة وهواية ثقافية ممتعة.  
باختصار، نحن مسؤولون عن ردود أفعالنا اتجاه تلك الأحداث غير المتوقعة والخارجة عن سيطرتنا. نحن غير مسؤولين عن الوباء، ولكننا مسؤولون عن كيفية التعامل معه. نحن مسؤولون عن عزل أنفسنا من تلك العاصفة الجامحة والمخيفة، ومسؤولون كذلك عن حماية أنفسنا حتى نتمكن من اجتياز هذه المحنة.
علينا دائمًا أن نتذكر ونقدّر النعم من حولنا. فتلك النعم لا تقدر بثمن، وهي القيمة الأسمى في حياتنا وجوهر وجودنا. 
 
لولوة كالويروس متخصصة في إدارة الإجهاد النفسي في مركز إدارة الإجهاد النفسي في لندن. وتقوم بالتدريس في الجامعة الأمريكية في لبنان، وهي مدربة نشطة قامت بتطوير برامج تدريبية لمدارس، وبنوك ومنظمات. يتمحور دورها في برنامج نجوم العلوم التابعة لمؤسسة قطر، في مساندة المبتكرين العرب من حيث كيفية تعاملهم مع الضغط النفسي منذ الموسم السادس من البرنامج.