حزب الله القابض على مؤسسات الدولة وأجهزتها، والممسك بقرارها السياسي والعسكري، والذي استطاع ان يشكل حكومة ونجح في منع اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لمعالجة الازمة الاقتصادية، ونجح في منع إقفال مطار رفيق الحريري الدولي للحد من انتشار كورونا، ونجح في منع إيقاف الرحلات بين لبنان والجمهورية الاسلامية الايرانية على خلفية ازمة كورونا، هذا الحزب بكل إمكاناته العلنية والسرية لم يستطع الحصول من المحكمة العسكرية بقرار إدانة العميل عامر الفاخوري.
خرج علينا الحزب منذ قليل ببيان طنّانٌ ورنّان حتى نظنّ ويظن معنا اللبنانيون جميعهم وعوائل الشهداء والأسرى المحررون أن حزب الله ليس في يده حيلة وأن الأمر غيلة، لكننا نعلم ونشاهد قدرة حزب الله التي تتخطى المحاكم العسكرية والمدنية وغيرها، فلم يستطع حزب الله أن يأخذ اللبنانيين وعوائل الشهداء والأسرى إلى بيان للتمويه والتضليل وهو القادر على تغيير مسبباته وهو بيان يدعو "إلى الاسف والغضب والاستنكار" فخرج لبنانيون غاضبون إلى الشوارع كان هؤلاء يظنون أن حزب الله بالمرصاد وأن منظومة الممانعة لن ترضخ لتهديدات وضغوطات الامبريالية الامريكية وأننا خلف حكومة قوية ستحمي اللبنانيين من سطوة أميركا وغطرستها.
اعتبر حزب الله أن قرار المحكمة العسكرية خاطئ، وأن المحكمة العسكرية تجاوزت كل الآلام والجراحات بكل ما تعنيه هذه الخطوة البائسة بالنسبة إلى العدالة أولا، وبالنسبة إلى المظلومين والمعذبين الذين ما زالت جراحات بعضهم تنزف حتى الآن.
اقرا ايضا : تحية إجلال وتقدير وامتنان إلى العاملين في مستشفى الحريري وإلى أبطال الصليب الاحمر اللبناني
ورأى الحزب الله أن هذا اليوم هو يوم حزين للبنان وللعدالة، وهو قرار يدعو إلى الأسف والغضب والإستنكار، "وكان من الأشرف والأجدى لرئيس المحكمة العسكرية وأعضائها أن يتقدموا بإستقالاتهم بدلا من الإذعان والخضوع للضغوط التي أملت عليهم إتخاذ هذا القرار المشؤوم.
ودعا الحزب القضاء اللبناني إلى استدراك ما فات، من أجل سمعته ونزاهته التي باتت على محك الكرامة والشرف، وكذلك من أجل حقوق اللبنانين والمعذبين والمظلومين وكل من ضحى في سبيل وطنه وتحرير أرضه.
أدبيات البيان كانت على محك "الشرف والكرامة" والثبات والوفاء لدماء الشهداء وآلام الاسرى، كما كانت على محك الوفاء لشعب المقاومة وتضحياته، لكن الصفقات السياسية أولويات خصوصا عندما نعرف أن سياسات الحزب اليوم وأولوياته وحده هي فوق كل اعتبار فالحزب الذي يضحي بلبنان كله لا يضيره أن يضحي بآلام الأسرى ودماء الشهداء طالما أن المصلحة في نظر الحزب تقتضي ذلك.
لن تعد لغة البيانات الجاهزة تسعف حزب الله، ولم تعد بيانات الهروب إلى الأمام تنطلي على أحد لا سيما عندما تتقدم مصلحة المشروع الحزبي على ما عداها من قضايا وملفات لقد ولى زمن المقاومة وجاء زمن الصفقات، فمن يصدق أن عميلا بحجم الفاخوري في دولة حزب الله وحكومة حزب الله يخرج بريئا ويتم تهريبه في ليلة قمر الحزب فيها أكثر نورا من أي وقت مضى .
زمن الصفقات على حساب دماء الشهداء وأهالي الشهداء، زمن الصفقات على حساب عذابات الأسرى ووجعهم وتضحياتهم.
يريدوننا أن نصدق هذا البيان وكل المعطيات تشير إلى مؤامرة وهذا بحدّ ذاته بيان صدر وأفهم علناً، السلام على الشهداء وأرواح الشهداء وعوائل الشهداء المطعونين من جديد ببيان الكذب والتضليل.