يتحاشى حزب "الله" غالبا الدخول في مواجهة مباشرة مع معارضيه من الطائفة الشيعية لاعتبارات كثيرة مرتبطة بسياسة الانكار والاستعلاء والشعور بفائض القوة من جهة، اضافة الى حساسية الواقع الشيعي بالنسبة اليه من جهة اخرى، لذا فهو يلجأ لتفويض أمر الانتقام وتصفية الحسابات السياسية معهم لغيره، وخصوصا لاجهزة الدولة ومؤسساتها الامنية والرقابية، فيما يراقب هو المشهد من بعيد وكأنه ليس معنيا بالأمر، بل يسخّر اعلامه وجيشه الالكتروني لتسخيف اي اتهام له بالتدخل في هذه "السفاسف" على قاعدة أنه حزب اقليمي لا يشغل نفسه بناشط هنا او معارض هناك.
هذا الاسلوب بات مكشوفا للجميع في لبنان الذين يعلمون ان حزب الله يترصد معارضيه ويتحين الفرصة للانقضاض عليهم مستخدما نظرية ضرب الافعى بعصا الغير، وانه لا يتدخل (أمنيا) الا اذا فشل الوكيل في المهمة.
ما جرى مع الناشط السياسي المعارض للحزب الدكتور هادي مراد من استدعاء الى المباحث الجنائية وايقاف رخصة مزاولته لمهنة الطب يصب في هذه الخانة، فنشاط مراد السياسي وانتقاداته اللاذعة لقيادة الحزب عبر المنشورات والفيديوهات والمقابلات المتلفزة باتت تزعج التنظيم كثيرا وهو اي مراد منذ فترة محط متابعة لدى الوحدات الامنية التابعة له خصوصا وحدتي 900 و 1100.
ومراد بالنسبة للتنظيم تخطى الخطوط الحمر حين سخر من خطابات امينه العام وحين اثار موضوع الادوية المستوردة من ايران، فاتخذ الحزب قرارا حاسما باسكاته، ووقع الاختيار على وزير الصحة حمد حسن للقيام بالمهمة حيث طلب منه بإيحاء من مستشاريه الادعاء على مراد على خلفية مطالبته بالاستقالة كسبب مباشر، ثم بدأ الضغط على الاجهزة الامنية عبر وحدة الارتباط والتنسيق التي يرأسها وفيق صفا في سبيل استدعاء مراد وترهيبه.
لقد وقع وزير الصحة كغيره من الادوات في فخ حزب الله عبر مستشاريه الذين نسوا أن بيت الوزير من زجاج ولا طاقة له برشق غيره بالحجارة، وليته بدل تصفية الحسابات السياسية بالنيابة، يفتح ملف الادوية المزورة التي تورط فيها شقيق الوزير السابق محمد فنيش المحمي سياسيا، وليته يخبرنا عن مهربي مادة الاسيتون التي تستخدم في صناعة الكبتاغون، وعن مخالفات البناء في بعلبك التي تمت تغطيتها خلال فترة توليه لرئاسة البلدية، وغير ذلك الكثير الذي سنكشقه عما قريب.