لو أنّ سماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، قام بحكم ما تمليه عليه واجباته الفقهية والدينية والسياسية، وباعتباره الحاكم بأمر الله لهذا البلد المنكوب الذي يُدعى لبنان، بتوجيه هذا الفائض من الإرشادات والنصائح والإملاءات والأوامر والنواهي فيما يتعلق بوباء كورونا، قبل حوالي أسبوعين فقط، لربما كان لبنان اليوم في حالٍ أفضل ممّا هو عليه، لناحية انتشار هذا الوباء، ولقدرة السيطرة عليه، يعني لو أنّ سماحته أمر منذ اليوم الأول بإقفال مطار بيروت الدولي، وعدم استقبال وافدين من بعض الدول الموبوءة، وذلك بإطلاق يد وزير الأشغال العامة في هذا الصدد، لكان خيراً فعل، كما لو أنّه أطلق يد وزير الصحة بفرض الحجْر الصحي على كلّ قادمٍ من هذه الدول الموبوءة، بدل الاتكال على العزل الإختياري، لما كُنّا اليوم نُعاني ما نُعانيه بسبب اتّساع رقعة انتشار الوباء، إنّما ولله الأمر من قبلُ ومن بعد، لا بأس في صدور هذا السّيل من النّصائح والوجدانيّات، من جانب وليّ الأمر السيد نصرالله، وأن تأتي مُتأخّراً خيرٌ من أن لا تأتي أبداً.
اقرا ايضا : مرثية إنسان خائر القوى أمام مخلوق لامرئي يُدعى كورونا
أمرٌ آخر أراد السيد نصرالله أن يعطفه على موضوع وباء الكورونا الذي يقُضّ مضاجع الجميع، هو رفع الحظر الذي فرضه حزب الله على توجُّه الحكومة اللبنانية ناحية صندوق النقد الدولي، فمن نِعم الله علينا، ومن بعض نِعم الكورونا، أنّ إيران طلبت من صندوق النقد الدولي مساعدة مالية بقيمة خمسة مليارات دولار، لمواجهة وباء الكورونا، وهذا ما سمح للسيد نصرالله أن يلغي الحظر المفروض على الحكومة باللجوء إلى الصندوق، وإعطاء إشارة واضحة بأن بات بإمكان الحكومة طلب المساعدة من أية جهةٍ أتت( بما فيها صندوق النقد الدولي)، طالما أنّ الشروط التي تُصاحب عادةً مساهمات الصندوق في تمويل الدول المُتعثّرة، يجب أن لا تنال من "سيادة" البلد، ولا تمسّ بقدسية نصوص الدستور، كما يشترط السيد نصرالله، ولا تُساهم بزيادة فقر الفئات الفقيرة، وذات الدّخل المحدود، صحيح أنّ السيد نصرالله حاول ساخراً ممّن سارعوا للقول بأنّ طلب إيران مساعدة صندوق النقد الدولي لإغاثتها من شرّ الوباء الذي انتشر بسرعة كبيرة في البلد، هو حُجّة دامغة في وجه حزب الله الذي كان قد رفض صراحةً اللجوء للصندوق على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم وبعض المسؤولين والسياسيين الحزبيّين، وذلك بالتّنصُّل اليوم من هذه المواقف والتصريحات على لسان أعلى مرجعٍ في الحزب، ومرّةً أخرى أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي أبداً، ورُبّ ضارّةٍ نافعة، الكورونا "الخبيثة" تسمح للحكومة اللبنانية بطلب مساعدة صندوق النقد الدولي لإغاثته في أزمته النقدية والمالية الحرجة هذه الأيام.