في خضم السباق العالمي لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا، لن يمكن إجراء التجارب على الفئران التقليدية، وإنما يتحتم أن تُجرى على فئران لديها جين مشابه للجين الذي يعتقد العلماء أنه يسمح لفيروس كورونا بالفتك بالبشر، بحسب ما نشرته شبكة "بلومبيرغ" Bloomberg.
ففي العادة يتم حقن أي عقاقير أو أمصال أو طعوم جديدة في الفئران وحيوانات التجارب قبل أن تبدأ التجارب السريرية على البشر، وذلك للتأكد من أنها آمنة ولقياس مدى فعاليتها، بالإضافة إلى رصد أي آثار جانبية لها.
ويقول الباحث ريتشارد بوين، أستاذ الطب البيطري في جامعة ولاية كولورادو: "يمكن حقن الفئران بالفيروس، ولكن لا يوجد لديهم إلا القليل من الأمراض الإكلينيكية، إن وجدت"، لذلك يسعى العلماء إلى إجراء التجارب على فئران "تم تعديلها جينيا بجين بشري"، يسمى ACE2، وهو الذي يحفز الفيروس ويجعله أكثر ضراوة، ومن ثم يمكن الحصول على أفضل النتائج عند تجربة اللقاحات المضادة له والتثبت من آثارها.
ويكاد يكون من المستحيل العثور على تلك الفئران، المعدلة وراثيا بالجين ACE2، اللازمة لدراسة فيروس كورونا. ولا توجد إحصائيات عالمية حول توفر هذه الفئران، ويقول العديد من موفري الفئران المعدلة وراثيا إنها نادرة، ولهذا يتوقع الباحثون أن الأمر سيستغرق أسابيع أو شهورا لتطوير إمدادات كافية من هذا النوع من الفئران.
يقول بروفيسور ستانلي بيرلمان، من كلية الطب بجامعة أيوا: "من المنطقي أنه لا يمكن إبقاء الفئران في متناول اليد لكل مرض محتمل".
وعلى الرغم من تفشي الأمراض المسببة للفيروسات التاجية القصيرة، مثل سارس، الذي سبق أن اجتاح الصين وهونغ كونغ وأجزاء أخرى من آسيا لشهور في عام 2003، فإن معظم حيوانات التجارب المتاحة بوفرة هي التي تصلح لأبحاث عقاقير وعلاجات السرطان والتهاب الكبد والأمراض المزمنة الأخرى التي تتطلب أنواعا مختلفة من تلك الحيوانات.
ويوضح قادر ثيام، المشرف على قسم الفئران المعدلة وراثياً في مختبر GenOway SA المتخصص في حيوانات التجارب المعملية بليون في فرنسا: "إن الأبحاث تتبع الاتجاهات، وفي الوقت الحالي يركز العلماء بشكل أساسي على الأورام واضطرابات التمثيل الغذائي".
يقوم مختبر جاكسون، وهي مؤسسة غير ربحية في ولاية مين الأميركية متخصصة في توفير حيوانات التجارب للأبحاث الطبية، بتوفير أكثر من 11000 نوع من الفئران. ولكن عندما بدأ تفشي فيروس كورونا في يناير، لم يكن لدى مختبر جاكسون أي فأر أو حيوان معدل وراثيا يحتوي على الجين الضروري.
ومع بدء تدفق الطلبات، بدأ طاقم مختبر جاكسون في البحث في الأدلة الطبية، التي تضم قاعدة بيانات للأشخاص الذين عملوا على تربية فئران متوافقة مع البشر كي يقوموا بالتبرع ببعض منها للأبحاث الجارية حاليا على قدم وساق.
ووصلوا عن طريق تلك القوائم إلى بيرلمان، أخصائي الفيروسات التاجية، والذي استخدم الفئران المعدلة وراثيا في مكافحة سارس. لم يكن لدى بيرلمان أي فئران معدلة وراثية حية، لأنه قبل عقد من الزمان كان قد قرر أن المختبر لا يستطيع تحمل تكاليف رعايتها.
لكن كان الخبر السار هو أن بيرلمان كان يحتفظ بعينات حيوانات منوية مجمدة للفئران المعدلة وراثيا. وفي الشهر الماضي، بدأ تلقيح الفئران بالحيوانات المنوية المجمدة لتوفير مواليد جديدة من الفئران المطلوبة بشدة في الوقت الحالي.
يقول تشارلز ميللر، رئيس قسم الخدمات اللوجستية العالمية بمختبر جاكسون: "تم الحصول على أول مجموعة من الفئران وجاري تربية مجموعة إضافية لتلبية احتياجات البحث العلمي للقاح مضاد لفيروس كورونا بأقصى سرعة ممكنة".