بعد الإعلان عن أول حالة وفاة بفيروس كورونا في لبنان للمصاب العائد من مصر بعد 3 أسابيع، يزداد خوف اللبنانيين وقلقهم من أن يكون ما جرى مع هذه الحالة مقدمةً للإعلان عن وفيات أخرى، لا سيما وأن من بين المصابين الذين ارتفع عددهم إلى 52، ثلاث حالات حرجة بحسب بيان مستشفى رفيق الحريري الجامعي.
انطلاقاً من ذلك، تخوّفت مصادر طبية عبر "الأنباء" من انتشار المرض أكثر وانتقاله ليصيب مناطق لبنانية عدة نتيجة استخفاف البعض وعدم الالتزام بالوقاية الذاتية بالشكل المطلوب.
العزل المنزلي
وفي وقت تخوّف فيه وزير الصحة حمد حسن من ارتفاع عدد المصابين في الأيام المقبلة، ناشد مدير عام وزارة الصحة الدكتور وليد عمار الاشخاص القادمين من مناطق موبوءة ضرورة الالتزام بالعزل المنزلي أقله مدة 14 يوما، وكل شخص مصاب بالكورونا يجب ان يلتزم العزل أيضا المدة نفسها، معللاً حالة الوفاة التي سُجلت نتيجة عدم التزام المصاب بما هو مطلوب.
توازياً أعلن مستشفى اوتيل ديو عن تجهيز قسم خاص فيه لاستقبال المصابين بالكورونا، مشيرا إلى أن هذا القسم سيصبح جاهزاً بعد 3 أيام أو في نهاية الاسبوع الحالي، الأمر الذي أعلنت عنه أيضاً وزارة الصحة بشأن 7 مستشفيات أخرى سيصار إلى تجهيز أقسام فيها لاستقبال المرضى في حال انتشار الفيروس بوتيرة أسرع.
400 مصاب خلال 10 ايام!
في هذا الوقت، شدد الدكتور روي نسناس في اتصال مع "الأنباء" على ضرورة اعتماد الاحتياطات اللازمة، وضرورة أن يكون هناك إجراءات أكثر، لأنه خلال 10 ايام يمكن ان يبلغ عدد المصابين 400 حالة، لذلك يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة حتى لا نصل إلى هذه المرحلة، مشددا على الالتزام بالوقاية الذاتية التي تبدأ بغسل اليدين وتجنب الاماكن المكتظة وتجنب الاختلاط بالأشخاص غير المعروفين او القادمين من الدول الموبوءة.
تجهيز 6 مستشفيات حكومية
من جهته أعلن رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي عبر "الأنباء" ان اللجنة تقوم بعملها من منطق وجودها كسلطة تشريعية لا تنفيذية، مجددا التأكيد أنه تم تحديد 6 مستشفيات حكومية في المحافظات الست لتجهيزها، مشيرا إلى أن دوره كرئيس لجنة الصحة يقوم على متابعة التطورات الصحية ومراقبة ما يقوم به وزير الصحة في هذا الشأن وسد كل الثغرات التي قد تطرأ.
وأشار عراجي إلى أنه لو اتخذت الحكومة قرارا بمنع السفر من وإلى إيران منذ بداية انتشار المرض لما وصلنا الى هذه النتيجة، مشددا على ضرورة عدم الاستخفاف بهذا الوباء الذي يجتاح العالم.
عراجي تخوف من اعتماد بعض القادمين من سوريا المعابر غير الشرعية وخاصة معبر القصير الذي يدخلون منه الى لبنان بالسيارات "المفيّمة"، فيما البعض يعتمد الدخول عبر الخط العسكري.
أجهزة التنفّس متوفّرة
في السياق الصحي عينه، أكدت رئيسة جمعية مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي عبر "الأنباء" أن لا مشكلة بالنسبة لأجهزة التنفس لوجود وفرة منها، لكنها بحاجة لشراء المستلزمات، مطالبة بتأمين اعتمادات المبالغ المطلوبة لهذه الغاية.
إلى ذلك أبدت مصادر طبية قلقها من تفشي المرض في صفوف النازحين السوريين، لا سيما وأن هناك ما يقارب المليون نازح في لبنان لا يخضعون للمراقبة المشددة من قبل وزارة الصحة اللبنانية، وكذلك الأمر بالنسبة لحوالى 200 الف لاجئ فلسطيني وحوالى 100 الف من اليد العاملة من مختلف الجنسيات، كاشفة أن هذا الأمر بحد ذاته تحدّ أكبر أمام الإدارات المعنية.
الكورونا السوري
وفي هذا الاطار، اعتبرت "نداء الوطن" ان الخوف يتصاعد والهلع يتضاعف من تكرار سيناريو "الكورونا الإيراني" نفسه مع "الكورونا السوري" الآخذ بالتمدد في بلاد الشام مع ما يختزنه ذلك من مضاعفات مضاعفة للفيروس في لبنان تحت وطأة حركة نزوح السوريين المتغلغلة بين اللبنانيين في مختلف المناطق والمحافظات… فهلا سارعت السلطة اللبنانية هذه المرة إلى التحرّر من "عقدة نقص المناعة" إزاء محور الممانعة وأن تولي الأولوية، ولو "لمرة وحيدة غير قابلة للتمديد"، إلى مصلحة شعبها فتبادر من تلقاء كرامتها الوطنية إلى قطع الطريق على الفيروس القاتل الوافد إلى اللبنانيين عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية مع سوريا، أم أنّ هذه السلطة ستبقى "ساقطة عسكرياً" في قبضة "وحدة المسار والمصير" في السراء والضراء… والوباء؟!
تفشّي الفيروس في سوريا!
فالأنباء الواردة من سوريا تشي بأنّها تسير على خطى إيران في اتباع سياسة المكابرة والتكتم عن إصابات "كورونا" منذ بدايات رصده، ما فاقم من حدة انتشاره في المحافظات الإيرانية، ويفاقم اليوم من تفشيه في المحافظات السورية، لا سيما في دمشق وطرطوس واللاذقية وحمص، حسبما نقلت مصادر طبية عدة داخل مناطق نفوذ النظام السوري الذي، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أوعز لأطباء المستشفيات في هذه المحافظات بضرورة التكتم والامتناع عن تأكيد انتشار الكورونا لديهم، وسط معلومات ميدانية متواترة في البقاع نقلها سوريون قادمون إلى لبنان عبر نقطة المصنع، تفيد بأنّ الفيروس انتشر على نطاق واسع على الأراضي السورية وبعض المصابين به فارقوا الحياة، بحيث يتحدث هؤلاء عن أنّ مستوى الإصابات في سوريا بلغ بحسب التقديرات غير الرسمية أكثر من ألفي مصاب، وأضحت حصيلة الوفيات بالعشرات ممن يصار إلى تحديد سبب وفاتهم في التقارير الطبية بـ"الإلتهاب الرئوي".
تكثيف الاجراءات الاحترازية
ولأنّه أصبح هناك داعٍ للهلع… استحوذ موضوع انتشار الكورونا على الحيّز الأكبر من مداولات مجلس الوزراء أمس، "فكان استعراض للإجراءات المتخذة والواجب اتخاذها لمواجهة تفشي الفيروس"، حسبما نقلت مصادر وزارية لـ"نداء الوطن"، موضحةً أنّ "وزير الصحة حمد حسن قدّم مداخلة مسهبة أمام الحكومة وأجاب على جملة من الأسئلة والاستفسارات، ليتركّز النقاش على تداعيات وقف الرحلات الجوية من والى لبنان، مع المحافظة على تأمين خطوط استقبال المواطنين الراغبين بالعودة من الدول التي تحظر السفر إلى لبنان. وخلص النقاش إلى الاتفاق على أنّ أي قرار بوقف رحلات الطيران يجب أن يتخذ بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، والاكتفاء راهناً بوقفها مع الدول الموبوءة مع استثناء اللبنانيين العائدين الى لبنان، كما تم الاتفاق على تكثيف الاجراءات الاحترازية من فحوصات وحجر طبي وتعزيز قدرات المستشفيات الحكومية، على أن يتم التواصل مع المستشفيات الخاصة للنظر في مدى جهوزيتها لمواجهة تطورات انتشار الفيروس".
تعزيز المستشفيات
وعلى هذا الأساس، أكدت المصادر أنه "سيصار فوراً إلى تعزيز وتطوير المستشفيات الحكومية من خلال اقتطاع جزء من قرض مقدّم من البنك الدولي، وتخصيص مستشفيات حكومية بأكملها لاستقبال مصابي الكورونا"، مع إشارتها في هذا المجال إلى "تفويض وزير الصحة تفعيل وتعزيز الكادر البشري في المستشفيات الحكومية، في ضوء اتخاذ مجلس الوزراء قراراً بتحرير ثلاثة ملايين دولار من قيمة قرض البنك الدولي، لتمويل شراء معدات طارئة للمستشفيات الحكومية بصورة عاجلة.