في خضمّ المعضلة الاقتصادية المستعصية، تبدو دوائر القصر الجمهوري منشغلة بمتابعة ملف التشكيلات القضائية على وقع تأكيد مصادر متابعة عن كثب لهذا الملف لصحيفة نداء الوطن "امتعاض الرئيس ميشال عون من المسار الذي سلكته هذه التشكيلات بشكل يرى فيه استهدافاً للقضاة المحسوبين على العهد والتيار الوطني الحر"، وتوضح المصادر لـ"نداء الوطن" أنّ عون يعتبر أنّ "المعايير التي اعتمدت لم تُطبق على كل القضاة إنما مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات اختار من يراه هو مناسباً في النيابات العامة".
وإذ تستبعد المصادر أن يلجأ رئيس الجمهورية إلى حجب توقيعه عن التشكيلات بل سيوافق عليها "على مضض" لكي لا يظهر في موقع التصدي لرغبة السلطة القضائية وتوجهاتها الإصلاحية، تكشف المصادر لصحيفة نداء الوطن أنّ "تدخلات سياسية وازنة كانت قد حصلت خلال الأيام الأخيرة وأدت إلى تأخير صدور التشكيلات، غير أنّ تمسك رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بعدم الرد على أي من هذه التدخلات وإصراره على اتباع المعايير الموضوعة قطع الطريق على إمكانية إحداث أي خرق سياسي في هيكلية التشكيلات".
وحول ما تردد في الأوساط العونية عن إقصاء مقصود للقضاة الموالين لـ"التيار الوطني"، لا سيما منهم القاضية غادة عون التي كان رئيس الجمهورية يريد إبقاءها في موقعها بالإضافة إلى حرصه أيضاً على عدم المس بالقاضية سمرندا نصار، تشدد مصادر قضائية معنية لـ"نداء الوطن" على أنّ التشكيلات المرتقبة "تمت بناءً على المعايير القضائية التي وضعت وتم تطبيقها على الجميع بحيث شملت دراسة السير الذاتية للقضاة وإخضاعهم لمقابلات دقيقة ومطوّلة توصلاً إلى اختيار القاضي المناسب في المكان المناسب"، لافتةً إلى أنّ "مجلس القضاء الأعلى كان قد عقد اجتماعاً نهائياً بعد ظهر الثلثاء الفائت لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلات تمهيداً لرفعها وإقرارها (اليوم) الخميس إذا لم يطرأ أي أمر يعترض ذلك"، مع إشارتها في هذا المجال إلى أنّ "مجلس القضاء الأعلى سعى إلى تأمين الإجماع على تشكيلاته بغية تحصينها من التدخلات السياسية، والتي برز آخرها على شكل طرح تم التداول به ويقضي بأن تصدر التشكيلات غير مكتملة، بمعنى أن تستثني عدداً من المراكز لا سيما في النيابات العامة، الأمر الذي رفضه القاضي عبود ومعه عدد من القضاة، فكان الموقف القضائي موحداً وصلباً بعد عقد اجتماعات مكثفة خلال الأيام القليلة الماضية خلصت إلى وجوب صدور التشكيلات كاملة وليتحمّل من يرفضها مسؤولياته على أن تبقى، في حال عدم توقيعها، أمام مجلس القضاء مهلة محددة لإعادة التأكيد عليها وإبداء إصراره على السير بها وفق الآلية المتبعة والمعايير الموضوعة".