اتخذ المسؤولون خطوة المصارف بيع سنداتها الى الإجانب في الفترة الاخيرة، ذريعة لتحميلها مسؤولية الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية الحالية، فيما تلعب القوى السياسية الحاكمة دور الوصيّ الآن على أموال المودعين، ولا تريد لا دفع أصل سندات «اليوروبوند» ولا الفوائد المترتبة عليها، علماً انّها لغاية اليوم لم تخرج الى العلن بالبديل وبخطة إنقاذ واضحة المعالم حول القرارات والإجراءات التي تنوي القيام بها للخروج من الأزمة، بل تقف فقط عند استحقاق آذار، معتبرة انّه مع حلّ معضلة هذا الاستحقاق ستُحلّ كل المشاكل!
وتبدي المصارف ليونة خلال المفاوضات مع الحكومة، وتقدّم اقتراحات حول كيفية التعامل مع استحقاق «اليوروبوند»، ولو انّ اقتراحاتها غير شعبية وتتمثل بعدم التخلّف واستبدال السندات المستحقة بأخرى ذات آجال أطول.
في المقابل، ما زالت القوى السياسية تتمسّك بالاقتراحات التي تحظى بالشعبية رغم انّها لا تجدي نفعاً، وترفض دفع الاستحقاقات، علماً انّها لم تتفق بعد على شروط معيّنة يمكن ان تُفاوض فيها حَمَلة السندات الاجانب (76%) ضمن عملية إعادة هيكلة الدين العام. وتعترض في المقابل، بشكل ايديولوجي، على أي برنامج إنقاذ مالي يمكن ان يدعمه صندوق النقد الدولي، بحجّة انّها أيضاً حريصة على عدم تحميل الطبقة الوسطى والفقيرة مزيداً من الاعباء.
وفيما تبقى معضلة «اليوروبوند» من دون حلّ توافقي للساعة، قال الخبير في الاسواق المالية دان قزي، انّه لا توجد حلول وسط في مسألة التعامل مع استحقاق آذار، «إما الدفع أو التخلّف. لا يمكن دفع جزء من الاستحقاق وجدولة الباقي». مشدّداً على انّ الاقتراحات المتداولة حول إعادة شراء المصارف لسندات «يوروبوند»، لكي تصبح من جديد صاحبة أكثرية في الإصدار، بالإضافة الى اقتراح توسيع شريحة اصدار سندات الخزينة، لكي يصبح الاجانب يستحوذون على 25 في المئة فقط منها، هي اقتراحات قد تقود الى انهمار الدعاوى القضائية على الدولة والمصارف اللبنانية.
واوضح قزي لـ»الجمهورية»، انّ تداعيات التخلّف عن السداد أصبحت اليوم أكبر واخطر، بعدما اصبحت نسبة حَمَلة السندات من الاجانب تفوق 75 في المئة من مجموع حَمَلة السندات، وبالتالي في الوقت الضائع الذي لم تُقدم فيه الحكومة على اي اجراء او تتخذ اي قرار في هذا الشأن، ارتفعت كلفة سداد الاستحقاق للأجانب من 400 مليون دولار في آذار و800 مليون دولار في 2020 الى اكثر من مليار دولار في آذار واكثر من مليارين في 2020.
وشرح قزي، انّ كلفة التخلّف عن السداد ارتفعت أيضاً، لأنّ الجهات الاجنبية التي اشترت أخيراً سندات استحقاق آذار، ليست محصورة فقط بمجموعة «أشمور» بل هناك غيرها أيضاً، وهي جهات درست جيّدا قبل ان تشتري تلك السندات، حقها القانوني في حال تخلّف الدولة عن السداد، وهي على يقين انّها في حال خاضت معارك قضائية مع الدولة، ستحقق ارباحاً أكبر من قيمة السندات التي اشترتها بحوالى 65 سنتاً.
وقال، انّ حَمَلة السندات من الاجانب، في حال قرّرت الحكومة التخلّف والتفاوض معهم حول اعادة الهيكلة، سيلجأون عند أول اشتباك او عدم تجاوب من قِبل الدولة اللبنانية معهم، الى رفع الدعاوى القضائية وحجز الاصول والممتلكات.
واعتبر قزي، انّ اقتراح المصارف استبدال السندات التي تحملها بأخرى ذات آجال أطول، هو اقتراح فارغ، وكان من الأجدى بها ألّا تلجأ الى بيع السندات الى أجانب بل بيعها الى مصرف لبنان.