قال الشاعر:
ألقاهُ في اليمّ ثمّ قال له
إياك إياك أن تبتلّ بالماءِ.
أمعن حُكّأم لبنان في نهب المال العام والاثراء غير المشروع، واستباحة القطاع العام، وحشوه بالأزلام والأتباع والمُناصرين، وقاموا بتخريب المصالح والمؤسسات المستقلة والمجالس البلدية، وتعريضها للفساد والفوضى وتدّني مستوى خدماتها، ولم يسلم القضاء من مخازيهم، فشُلّت فعالياته، وفسُدت أحكامُه، ولم يخجل كل من تولّى منصباً وزارياً، أو شغل مقعداً نيابياً، أو قام بوظيفة عامّة، من صرف النفوذ ومدّ اليد للمال العام وتوزيعه على الأبناء والبنات والأقارب والحاشية، حتى بات اللبنانيون يتحدّثون عن ثرواتٍ طائلة بلغت أرقاماً خيالية، تمّ تهريبها للخارج بعيداً عن أعيُن الرقباء( الغائبين أصلاً) والحاسدين والطامعين.
ما علينا، وقعت الواقعة، وهوى البلد في حُفرةٍ من نار، بلا أملٍ في من يأتي من عالم المجهول والمعجزات لإنقاذه، ومع ذلك عندنا في لبنان من لا يزال يُكابر، ويُصرّ على خطف البلد برُمتّه، وجعله رأس حربة مقاومة الوجود الأميركي في المنطقة العربية والخليج، لذا كان لا بّدّ من المُجاهرة برفض أية مساعدة يمكن أن يُقدّمها صندوق النقد الدولي على لسان مسؤولي حزب الله، الصندوق الذي لم يبقَ للبنان من ملاذٍ غيره، كلّ اللجان التي تعب رئيس الحكومة في تأليفها، بالإضافة إلى المكاتب الإستشارية المالية( مدفوعة الأجر )، أضحت بعد هذا الرّفض بلا فائدة ولا حول ولا طول لها، طالما أنّ القرار والكلمة الفصل هي بيد أولي الأمر، الذين يمنعون ويُعرقلون حتى الساعة أية إمكانية لفتح ملفات الفساد المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ومحاسبة من أوقعوا البلد بين أشداق المؤسسات المالية الدولية الضخمة التي لا تعذر ولا ترحم، شأنها شأن حُكّامنا ( ذوي القربى) الصغار الذين كانوا أشدّ قسوةً وعهراً من الأبعدين.
قال الشاعر:
وظُلمُ ذوي القربى أشدُّ غضاضةً
على المرء من وقع الحسام المُهنّدِ.