لم يجد النائب زياد أسود مُتنفّساً لحقده على القوات اللبنانية، سوى الوزير السابق المحامي كميل أبو سليمان، الحامل أعلى الشهادات العلمية في القانون من جامعة القديس يوسف، وجامعة هارفرد، وشهادة ماجستير في الفنون من كلية فيتشر للقانون والدبلوماسية، وقد حاز أبو سليمان عدة جوائز رئيسية عالمية لا مجال لتفصيلها هنا، فضلاً عن كونه ناشطاً في جمعيات خيرية ومدنية عدّة، ويُقدّم من خلال "مؤسسة كميل أبو سليمان" مجموعة من المنح الدراسية لطلاب لبنانيين مُتفوّقين، بما فيها جامعة القديس يوسف وجامعة هارفرد وسواها من الجامعات.
أمّا النائب زياد أسود فلم يلاحظ الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي اقترفتهُ أطراف التسوية الرئاسية عام ٢٠١٦، والتيار الوطني الحر الذي ينتمي له النائب أسود برعاية الرئيس عون، في طليعة المُتّهمين بهذه الكارثة التي يتخبّط فيها البلد، فوجد عقب أخيل عند القوات اللبنانية، وبشخص الوزير السابق أبو سليمان، مُدّعياً زوراً وبُهتاناً بأنّ وزير العمل أبو سليمان قام أثناء مهامه في هذه الوزارة بإعفاء العمال المصريين من إفادة تسجيلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لذا تطوّع النائب أسود في عزّ الأزمة الخانقة التي يعانيها البلد على كافة المستويات، بالتّقدّم بإخبار لدى القضاء بحقّ الوزير أبو سليمان في هذه القضية المُختلقة، والتي تفتقد لأي مُستند قانوني، فقد ردّ أبو سليمان بأنّ المدير العام لوزارة العمل هو الذي يُصدر وفق صلاحياته القرار الذي يُحدّد المستندات المطلوبة للحصول على إجازة العمل، وقد قام المدير العام بإعفاء العمال المصريين من إفادة تسجيلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إنفاذاً للقوانين والأنظمة التي ترعى الإتفاقات المعقودة بين وزارة العمل اللبنانية ووزارة القوى العاملة والهجرة في جمهورية مصر العربية، وأنّ قرار مدير عام وزارة العمل جاء مُطابقاً لرأي هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل.
النائب زياد أسود، الذي لا يسلم من سلوكه ولسانه الفظّ حزبٌ أو هيئة أو تيار سياسي أو شخصية عامة تتسم بالإحترام والتّقدير، يتعامل في الملفّات والقضايا التي يتناولها من منطلقات عنصرية أو طائفية أو مذهبية، مُعتقداً أنّه يستطيع من خلال الضجيج وكيل الشتائم والضرب على الوتر الطائفي، والعودة إلى أيام الحرب الأهلية السوداء، أن ينال من خصومه السياسيين، وإذ لم يجد في تاريخ القوات اللبنانية ما يُشير إلى انغماس وزرائها ونوابها في عمليات نهب المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ وتكديس الثروات والفساد المُستشري، عمد إلى محاولة تلطيخ ثوب الوزير السابق كميل أبو سليمان ببعض البقع السوداء افتراءً وتجنّياً، وهذا ليس بغريبٍ على من لم تسلم من تجريحه وافترائاته في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد الإنتفاضة الشعبية المباركة، والتي يجد اللبنانيون في نجاحها وتقدّمها خشبة الخلاص الوحيدة، في حين ما زال النائب زياد أسود وأقرانه في التيار الوطني الحر يُمجّدون ويُفاخرون بإنجازات "العهد العوني القوي"، بعد أن فرّطوا طويلاً بسيادة واستقلال لبنان، وأدخلوه بفضل "التفاهمات والتسويات والمحاصصات" في أسوأ مراحله التاريخية التي قاربت على المائة عام، والتي يبدو أنّها وللأسف الشديد، ستُغيّر ملامح بلد الرخاء والإشعاع والديمقراطية في العالم العربي، وتقلبه رأساً على عقب، فيما لو استمرّ هذا التحالف العجيب والغريب بين تيار سياسي طالما تغنّى بالسيادة والإصلاح مع حزبٍ يستقي برامجه السياسية والعقائدية من مطامح وتطلعات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تستهدف في المقام الأول سيادة البلد واستقلاله واقتصاده وتطوره الديمقراطي.
عن الأحنف بن قيس:
المؤمن بين أربع: مؤمنٍ يحسدُه، ومُنافقٍ يبغضُه، وكافرٍ يُجاهدُه، وشيطانٍ يفتنُه.