مصادر طبية مُطّلعة في المُستشفى الحكومي قالت لـ«الأخبار» إنّ المُستشفيات الخاصة «ستكون رابحة في نهاية المطاف، مع تحويل جميع المرضى العاديين الذين تغطي وزارة الصحة تكاليف استشفائهم إليها».
السابعة مساء أمس، أعلن مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي عن إصابة جديدة بفيروس «كورونا»، تعود لشخص سوري، من دون أن يحدّد كيفيّة دخوله إلى لبنان أو تعرّضه للإصابة. سرعة انتشار الفيروس وتصاعد عدّاد الإصابات أدّيا الى مزيد من الاستنفار، إن عبر قرار وزير الأشغال وقف الرحلات إلى البلدان التي تشهد انتشاراً للوباء، أو عبر احتمال اتخاذ قرار حكومي بإقفال المدارس. فيما تتكثّف الجهود لتحديد مستشفيات للعزل في المناطق في حال وصول عدد الإصابات الى ما يفوق طاقة المستشفى الحكومي على الاستيعاب. وفي ظلّ انسحاب المستشفيات الخاصة من المُشاركة في «المُصاب»، علماً بأن هذه المستشفيات ستستفيد في الفترة المقبلة من «الإقبال» عليها لخشية المرضى من التوجّه الى المستشفى الحكومي الذي يخوض المواجهة وحيداً.
في أيام «الرّخاء»، كان مستشفى رفيق الحريري الحكومي «مرتعاً» للتحاصص الطائفي المُرفق بسوء الإدارة. على مرّ أكثر من عقد، «نهش» الإهمال الحكومي هذا المرفق حتى جُرّد من إمكاناته الكبيرة التي كان يتمتّع بها، ليتحوّل «ملاذاً» للمرضى الفقراء والعُمال الأجانب واللاجئين.
اليوم، يخوض المُستشفى الحكومي الأضخم في لبنان، وحيداً، «معركة» مواجهة «استحقاق» التداعيات المرتقبة لفيروس «كورونا»، بعدما أعلنت المستشفيات الخاصة، بشكل واضح وصريح، «انسحابها» وحصر المهمات الاستشفائية بالمستشفيات الحكومية، بحجة «عدم جهوزية المستشفيات الخاصّة التي لا تتعدّى غرف العزل في كل منها، إن وجدت، الثلاث»، بحسب رئيس نقابتها سليمان هارون. وهو سبق أن قال، بوضوح أيضاً، إنّ المستشفيات الخاصة «تخشى» فقدان مرضاها «العاديين» الذين قد يرتابون من زيارة أي مكان «يحضن» مريضاً بـ«كورونا». وعليه، فلتُحصر إصابات «الكورونا» بالمستشفى الحكومي.
من يزُر المُستشفى الحكومي، اليوم، يُدرك انعكاس «الريبة» على المستشفى الذي عمد إلى «تخفيف أعداد مرضاه»، وفق دائرة العلاقات العامة فيه، على أن يُستأنف العمل فيه «بشكل طبيعي بدءاً من الإثنين». يقول موظفو المُستشفى إنّ وتيرة العمل خفّت حُكماً، وإنّ الإجراءات التي اتّخذتها الإدارة بشأن فصل مداخل الطوارئ وقسم العزل عن بقية أقسام المُستشفى لم «تشفع» للمستشفى كي لا يتم «عزله». هذه الوقائع تعني، عملياً، فُقدان المُستشفى موارد كان «يقتات» عليها، سواء عبر اعتماده على مرضى النازحين السوريين أو عبر «تخصّصه» في إجراء الفحوصات المخبرية للعمال الأجانب وغيرها، وهو ما يطرح تساؤلاً بشأن الخُطط التي يجب درسها لدعمه لاستكمال عمله والنهوض به، والأهمّ، تجنّب إقفاله بعد الانتهاء من «موجة» الفيروس بفعل إرساء واقع التخوّف منه من جهة أخرى.
رئيس هيئة «الصحة حق وكرامة» النائب السابق إسماعيل سكرية يدعو الى «استثمار هذه الظروف الاستثنائية» للنهوض بالمستشفى الحكومي، «أمّا في حال عدم التنبّه للتداعيات المُرتقبة لواقعه بعد الأزمة، فإنّه سيلقى مصيراً مُظلماً لمصلحة المُستشفيات الخاصة».
مصادر طبية مُطّلعة في المُستشفى الحكومي قالت لـ«الأخبار» إنّ المُستشفيات الخاصة «ستكون رابحة في نهاية المطاف، مع تحويل جميع المرضى العاديين الذين تغطي وزارة الصحة تكاليف استشفائهم إليها». في وقت تبدو فيه وزارة الصحة بعيدة عن الالتفات لهذه القضية، في ظلّ انشغالها في مسألة تحديد مستشفيات للعزل في المناطق، «فعلى رغم أن المستشفى الحكومي يستطيع احتضان نحو 140 مريضاً، إلّا أنه في حال اشتداد الأزمة، لا مهرب من تخصيص مستشفيات في المناطق وهو أمر يُشكّل تحدياً كبيراً»، بحسب رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، «مُعترفاً» بالتحدّيات التي يواجهها المُستشفى الحكومي.
حتى الآن، لا تسميات واضحة ومحدّدة للمستشفيات التي ستُخصّص للعزل، مع استبعاد كامل لاستخدام أي مُستشفى خاص. إلّا أن معلومات «الأخبار» تُشير إلى احتمال تخصيص مُستشفيات كانت «مُجمّدة» ولم تُفتتح بعد، كمُستشفى مشغرة الحكومي في البقاع، والمُستشفى «التركي» في صيدا (مُستشفى حكومي تمّ تجهيزه بموجب هبات قدّمتها الحكومة التركية ولم يتم افتتاحه بعد).
وتسعى وزارة الصحة، ومن خلفها خلية الأزمة الوزارية، إلى تركيز جهودها على تحديد المُستشفيات، «تحسّباً للأزمة التي قد تشتدّ في الأيام المُقبلة مع ارتفاع أعداد المُصابين»، وفق مصادر مسؤولة.
وكانت إدارة مُستشفى رفيق الحريري الجامعي قد أصدرت، أمس، تقريرها اليومي وأعلنت فيه تشخيص حالة جديدة من التابعية السورية مُصابة بفيروس الكورونا المُستجدّ «وقد أُدخلت إلى وحدة العزل في المُستشفى لتلقّي العلاج اللازم».
ولفت التقرير إلى أن المُستشفى «استقبل خلال الـ 24 ساعة الماضية، 25 حالة في قسم الطوارئ المُخصّص لاستقبال الحالات المُشتبه في إصابتها، خضعوا جميعاً للكشوفات الطبية اللازمة، واحتاج 16 منهم إلى دخول الحجر الصحي استناداً إلى تقييم الطبيب المراقب، فيما يلتزم الباقون الحجر المنزلي».
وأصدر الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، بناءً على توجيهات رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب، تعميماً بشأن الإجراءات التي يجب أن تتبعها الإدارات الرسمية «كجزء من الوقاية والاستعداد والاستجابة لفيروس كورونا. بناءً على الإرشادات الفنية لوحدة إدارة مخاطر الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء بالتنسيق مع وزارة الصحة».
كذلك أصدر وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، أمس، قراراً بـ«وقف النقل جواً وبراً وبحراً لجميع الأشخاص القادمين من الدول التي تشهد تفشّياً لفيروس الكورونا (الصين، كوريا الجنوبية، إيران، إيطاليا، وعند الاقتضاء دول أخرى تحدّدها لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس الكورونا)»، على أن يستثنى من ذلك فقط المواطنون اللبنانيون والأشخاص الأجانب المقيمون في لبنان». ولفت نجار إلى أن القرار «يسري بصورة استثنائية وموقتة لحين صدور قرار لاحق يلغيه أو يعدّله (...)».