"مذبحة سوريا تدنو من نهاية مروعة"، هكذا استهلت واشنطن بوست افتتاحيتها، مشيرة إلى أن الحكومات الغربية أنهكت بسبب الحرب الأهلية التي لا يبدو لها نهاية في الأفق والعديد منها تشتت بسبب استقطاب الصراعات السياسية الداخلية. والنتيجة -كما قالت الصحيفة- هي ردة فعل صامتة مأساوية مع اقتراب الحرب من ذروة مروعة في محافظة إدلب الشمالية.
وعلقت الصحيفة على الظروف المهلكة التي يعيشها نحو تسعمئة ألف مدني فروا من هجوم جديد لقوات النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، منهم خمسمئة ألف طفل محشورون جميعا في رقعة أرض ضيقة مغلقة قريبة من الحدود التركية، والعديد منهم لا مأوى له من الطقس القارس، حتى أن "الأمهات يحرقن البلاستيك لتدفئة أطفالهن"، كما قال مسؤول أممي الأسبوع الماضي، وأضاف أن "الرضع والأطفال الصغار يموتون من البرد".
وذكرت واشنطن بوست أن الطائرات الروسية والسورية تسببت في هذا الفرار الجماعي بقصف أهداف مدنية في إدلب، وانتقدت عدم التفريق بين جماعات الثوار المهيمنة في المنطقة، التي تعتبرها الحكومات الغربية إرهابية، وما يزيد على ثلاثة ملايين مدني في المحافظة، مئات الآلاف منهم لاجئون من أماكن أخرى في سوريا.
وأشارت إلى أن تركيا هي المدافع الوحيد عن هؤلاء الناس البؤساء، ويبدو أن الرئيس رجب طيب أردوغان يأمل أن يتمكن من إقامة منطقة آمنة، بعد استئناف المباحثات بين تركيا وروسيا أمس، تمتد نحو عشرين ميلا من الأراضي السورية، وتشمل مدينة إدلب عاصمة المحافظة؛ وهذا الأمر سيتيح للمدنيين تلقي المعونة الإنسانية، ومنع اللاجئين من الانتقال إلى تركيا، التي تأوي بالفعل 3.6 ملايين سوري.
وألمحت الصحيفة إلى أن الحكومة الروسية تبدو ميالة للسماح بمنطقة آمنة من نوع ما، وعلى المحك بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين العلاقات الدافئة التي أقامها مع الرئيس أردوغان على حساب تحالف تركيا مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو).
ومع ذلك، فإن نظام الأسد مصمم على استعادة كل إدلب مهما كانت التكلفة البشرية.
ولهذا ترى الصحيفة أن من الملح ممارسة الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية ضغوطا متضافرة على بوتين الآن لكبح الهجوم وفرض وقف إطلاق نار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بالكامل إلى إدلب.
وختمت بأنه يجب عليهم أن يوضحوا لموسكو أنها ستدفع ثمنا باهظا -في شكل عقوبات جديدة وعكس التحركات الأوروبية نحو علاقات أفضل- إذا لم تتوقف هذه المذبحة.