ما المطلوب إيرانيّا من العرب؟
أن يقبلوها كما هي. ذلك يعني أن يقبلوا بسياستها القائمة على التدخل في شؤونهم الداخلية. وتلك معادلة لا يمكن لدولة حيّة أن تكون جزءا منها. فإيران التي لا تتصرف مع العرب باعتبارها دولة تحترم قواعد العمل بالقانون الدولي، لن تتمكن من الوصول إلى لغة حوار معهم.
إيران تريد الحوار لكن من طرف واحد. تلك مهزلة تؤكد أن من يحكمون إيران يتحدثون عن السلام وفي أذهانهم الحرب. إنهم يعتبرون العلاقات بين الدول حلبة قتال، لذلك فإنهم ينظرون إلى الآخر من جهة قدرته على الرد العسكري ومطاولته في الحرب. وهو ما أفسد عقولهم السياسية، فصاروا يعتبرون الحرب أول الحلول لمشكلاتهم. لا يفكر الإيرانيون إلا في الحرب.
نظرة سريعة نلقيها على أتباعهم في العراق ولبنان واليمن تجعلنا على يقين من أن إيران لا تقدّم شيئا سوى أنها تعبّئ المجتمع متفجرات. لقد تحوّل أتباعها من شباب تلك الدول إلى ألغام. وإذا ما كانوا يحتلون مناصب رفيعة في دولة ما، وهو ما يجري واقعيا في العراق، فإن تلك الدولة تكون مهددة بالانفجار.
لقد تسبب الغسيل الطائفي في أن يتحول البعض من العرب إلى إيرانيين أكثر من خامنئي بحيث يطلُّ المجرم قاسم سليماني على لبنان بتمثاله ليؤكد أن مشروعه في قتل العرب لا يزال قائما. وإذا ما كان حسن نصرالله قد روى حلمه الذي يتعلق بسليماني على الملأ، فلأنه يعرف أن هناك مَن يُنصتُ إليه عن جهالة وغباء وهوس طائفي.
ذلك بالضبط ما تريده إيران لنا. لذلك فإن أي حوار معها سيكون عقيما ومن غير جدوى.
تلك دولة كان عليها منذ زمن طويل أن تنسحب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، فهي لا تؤمن بميثاقها الذي يدعو إلى السلام. هي دولة تقوم سياستها على الحرب.
وإذا ما كان البعض من سياسييها المخادعين يقترحون حوارا مع العرب، فإنهم ينسون أن بلادهم لم تقدم عبر أربعين سنة بادرة حسن نية. بل أن كل ما فعلته هو العكس من ذلك تماما.
ما حدث للعراق في ظل الهيمنة الإيرانية كان الأسوأ في التاريخ. لقد نشر أتباع إيران الفساد في المجتمع وطبعوه، بحيث صارت كل مظاهر الفساد تشير إليهم من غير أن يتعرضوا للمساءلة بسبب الحماية الإيرانية. فالدولة العقائدية تحمي الفاسدين. هذا ما تراه إيران مناسبا لمجتمعات ترغب في تدميرها.
لا في الحاضر ولا في المستقبل يمكن أن تقوم علاقات سوية بين العالم العربي وإيران ما دام نظامها مصرّا على الاستمرار بسياساته الرثة والمبتذلة والخارجة على القانون الدولي.
وكما أرى فإن أوروبا قد تعبت من نفاقها السياسي. فالنظام الإيراني لا يمكن التعويل عليه. سيكون عليها دائما أن تواجه علاقتها به باعتبارها عارا على مستوى المفاهيم والقيم والمبادئ الإنسانية. فهو نظام لا يؤمن بالإنسان ولا بحقوقه ولا بالقانون الدولي الذي يضمن تلك الحقوق.
سيكون من حق الدول العربية التي تطلب إيران منها الحوار أن تعتذر بسبب غياب العوامل المشتركة. فلا يمكنك أن تتفاوض مع حيوان مفترس على شروط حياة سوية. إيران في ظل نظام الملالي هي ذلك الحيوان.
فلو كان الأمر بيد إيران لتحولت دبي إلى نوع من الضاحية الجنوبية ببيروت. ولو كان الأمر لإيران لأقام المصلون في جدة صلواتهم في أماكن رثة. ولو كان الأمر لإيران لتحول جامع محمد الخامس بالرباط إلى حسينية للّطم والردح والبكاء.
إيران هي سرطان ينبغي استئصاله لا الحوار معه.