من ينقذ لبنان من قبضة المحاور؟ لعل هذا السؤال بات اليوم متأخرا جدا بعدما دخل لبنان غرفة العناية الفائقة، بل بعدما دخل النفق المالي والإقتصادي المظلم، في ظل الحديث عن إعلان الإفلاس بين ليلة وضحاها، وفي ظل التقارير الدولية حول الوضع المالي والنقدي والتي تتحدث عن عجم قدرة لبنان على تجاوز الأزمة ما يعني أن التحضيرات الجارية اليوم هي للخروج بالصيغ الملائمة لإعلان إفلاس البلد.
ماذا يعني الإفلاس؟
إفلاس الدولة يعني عجز دولة ما عن الوفاء بديونها أو الحصول على الأموال من الجهات الخارجية لدفع أثمان ما تستورده من بضائع وسلع كما يمكن تعريفه إقتصادياً بـ "الأزمة في ميزان المدفوعات" .
وإفلاس الدولة يلحقه انهيار لعملتها ولنظامها البنكي مما قد يترك أثرا قاسيا وطويل الأمد في الاقتصاد الإنتاجي وفي مكانتها المالية.
هذا التوصيف العاجل والموجز للإفلاس بالتأكيد له أسبابه الكثيرة لا سيما في لبنان وترتبط هذه الاسباب بالسياسة وخياراتها اولا وبالتركيبة اللبنانية الحاكمة ثانية أي السلطة السياسية التي تدير الوضع المالي في لبنان.
لا شك أن الخيارات السياسية الأخيرة للبنان أخذت منحى خطيرا في ظل الصراع الذي تشهده المنطقة بين كل من الولايات المتحدة الأميركية وإيران، ويدفع لبنان هذا الثمن اليوم من خلال الإنهيار المالي والإقتصادي الذي نشاهده، لم تشأ السلطة اللبنانية وأحزابها الممسكة بزمام القرارات السياسية أن تدع البلد على الحياد في صراع لا شأن له به، ولم تشأ تجنيب البلاد كارثة الإنهيار والفقر والجوع فذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، ذهبت إلى تكريس لبنان من ضمن المحور الإيراني البحت الامر الذي عرضه وما زال لكل أنواع العقوبات واللبنانيون وحدهم يدفعون الثمن بعدما بقي لبنان وحده في محور هو أضعف الدول فيه على الصعيد المالي والاقتصادي والمعيشي.
إقرأ أيضًا: خطابات الهروب من الازمة
وبذلك يصبح لبنان في قبضة المحاور نتيجة السياسات والمصالح الحزبية الضيقة، سياسات حزب الله ومصالحه وأهدافه التي تتناغم تماما مع إرادة ومصالح الجمهورية الاسلامية الايرانية، فلا إعتبار في قاموس الحزب لخصوصية لبنان في كونه دولة عربية وفي كونه دولة مستقلة، وبالتالي كان الإنهيار ثمنا لهذه الخيارات السياسية وثمنا للمكابرة والتحالفات التي كانت كلها على حساب الدولة والوطن والشعب وها نحن اليوم ندفع الثمن.
وللإفلاس أيضا أسباب أخرى لا علاقة لها بالخيارات السياسية التي أشرنا إليها وهي إفلاس المسؤولين اللبنانيين من حسّ المسؤولية والوطنية، وإفلاس المسؤولين اللبنانيين من الحد الأدنى لأخلاقيات الحكم والإدارة ولأخلاقيات الأمانة، فكانت الدولة كلها بالنسبة لهم شركة أو مزرعة كانت عرضة للنهب والسرقة والاستيلاء على مرافق الدولة وأجهزتها ومؤسساتها، ولذلك كنا أمام قبضة أخرى هي قبضة المسؤولين اللبنانيين على الدولة وسرقتها ونهبها دون رادع وما زلنا حتى الآن بالرغم من كل ما يحصل أمام انعدام المحاسبة والعقاب.
القضية اليوم ليست بحاجة إلى المزيد من اللجان لإدارة الأزمة وليست بحاجة إلى المزيد من المزايدات لأن الجميع مسؤولين عن هذا الإنهيار ولذلك المطلوب استرداد الأموال المنهوبة وتوقيق المسؤولين عن سحب الأموال بإجراءات عاجلة تضح حدا لهذه الكارثة قبل فوات الأوان.