مع اقتراب 9 آذار موعد سداد استحقاق اليوروبوند، ما زال لبنان يدرس كيفية التعامل مع الأمر، بالاستعانة بمشورة صندوق النقد الدولي، وفي مطلق الاحوال، هو امام خيارين: الدفع او التخلف؟ لكن في الحالة الثانية ما تداعيات عدم سداد الديون؟
قال وزير العدل السابق ابراهيم نجار لـ"المركزية": "كنت انتظر ان يقوم لبنان بتنظيم التفاوض مع جماعة الدائنين اي حاملي السندات قبل اتخاذ اي قرار، لأنه لا يكفي ان يقرر لبنان التسديد او عدمه واعادة جدولة الدين العام او التسديد لمرة واحدة او لمرات، إنما الأهم، هو التوصل الى اتفاق مع الدائنين كي يوافقوا على إعادة الجدولة وتخفيض الفوائد واعادة النظر باستحقاقات سندات الدين المتوجبة على الخزانة اللبنانية"، مشددا على "أن إذا توقف لبنان عن التسديد يكون هناك خطر كبير جداً يتمثل بقيام الدائنين بحجز ممتلكات لبنان خصوصاً في الخارج وهذه امور حصلت في السابق اكثر من مرتين على الأقل. مرة عندما صدر قرار تحكيمي بحق الدولة اللبنانية، ومرة عندما تم حجز طائرة للميدل ايست في مطار اسطنبول. فإذا أراد لبنان فعلا ان يتقي شر هذه الحجوزات عليه المباشرة فورا بتنظيم حلقات السعي الى التعاقد والتوافق مع الدائنين، في أسرع وقت ممكن".
وتساءل نجار "عن سبب انتظار الحكومة كل هذا الوقت للمباشرة في تنظيم حلقات التفاوض، والتي تتطلب الاستعانة باخصائيين في هذا المجال"، لافتاً إلى "أن لبنان ليس الدولة الوحيدة التي وقعت في مثل هذه الحالة، إذ أن دولاً كثيرة استطاعت إعادة تنظيم جدولة الديون وتخفيض الفوائد والقيام بما جرى التعارف عليه من قبل القانون الدولي في هذا المجال".
واعتبر "أن لا أحد من الدائنين سيصدق لبنان او يتفق معه اذا لم تقم الحكومة فورا بإجراءات حاسمة من اجل استعادة الاموال والرساميل التي تمّ تحويلها الى الخارج. فصدقية لبنان تبدأ من هنا، انما الخطير في الموضوع ان القانون اللبناني لا يسمح بإلزام المصارف ولا رؤوس الاموال بإعادتها الى لبنان، يضاف اليه ان الحكومة حتى الآن، وعلى رغم استعدادات الدول كسويسرا مثلاً وغيرها، لم تقم بأي تحرك ممكن ان يعطي ايحاءً أن الدولة تستحق الصدقية والتصديق"، موضحاً "أن المطلوب تحرك سريع من اجل اعطاء صدقية للحكومة، خصوصاً ان الترسانة الحقوقية الموجودة الآن في المنظومة القانونية اللبنانية كافية من اجل المباشرة فوراً"، مشددا على "أن الهدف هو الاتفاق مع الدائنين، والوسيلة هي اعطاء الاثبات على ان لبنان يمكن ان يتمتع بصدقية، لأنها هي مَن تموّل الثقة التي نحن بحاجة اليها، وهذا مفقود حتى اليوم. فكل اللبنانيين والدائنين والدول المانحة بانتظار خطة واعدة من اجل معرفة الى اين يتجه لبنان"، متمنياً بمناسبة زيارة وفد من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي "ان تحسم الحكومة امرها وتشمر عن ساعديها من اجل الايحاء بثقة متجددة. ومن عليه القيام بذلك، هو رئيس الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية في حين نرى ان كل منهما ينتظر الآخر".
وعن تلاعب الصيارفة بسعر صرف الدولار رأى نجار "أن البنك المركزي يعطي التراخيص لكن لا يمكنه التدخل في العرض والطلب الذي بطبيعته يخرج عن كل اوامر او تعليمات او مذكرات إدارية. فالبنك المركزي اعتمد سياسة لسعر صرف الدولار منذ مطلع التسعينات، واليوم اثبتت الأحداث ان الواقع اقوى من الافكار والتعميمات المركزية. وبالتالي لا يمكن ضبط هذا الموضوع بأوامر من "المركزي" والا نكون قد فتحنا المجال للسوق السوداء بشكل غير مسبوق".
وأكد نجار ان الـhaircut يجب ان يبدأ بالديون المترتبة على الدولة وليس على المودعين، لأن الدولة قامت بخطوات خطيرة جدا بدءاً من الكهرباء مروراً بالرواتب وصولاً إلى فوائد الدين... وصرفت اموالها وأفلست، في حين انها تمتلك "مجوهرات" كالميدل ايست والكازينو والخليوي والكهرباء والمياه... وبالتالي عليها ان تبيع بعض "مجوهراتها". ما نفع المجوهرات، اذا كان غيرها سيدفع عنها؟"
ورأى أن دولاً عدة مديونة: "فرنسا لديها مديونية هائلة شارفت على ان تكون 180 مليار يورو، فكيف واجهتها؟ جبت الضرائب وكافحت التهرب الضريبي، واستطاعت عام 2019 ان ترد للخزينة 9 مليارات يورو من التهرب الضريبي. كما قامت ببيع المباني والقصور والمواقع الاثرية... التي من الممكن ان تدر عليها الاموال. اليونان أيضاً باعت جزرا ومطارات ومرافئ، والصين اشترت مرفأ بيريوس من اليونان". وختم: "ليس لدينا في لبنان حتى اليوم استراتيجية مقنعة لمعالجة الدين العام، بل فقط شعبوية وخوف من ان تفلت المحاصصة من أيديهم".