العونيون إلى الشارع الخميس: التماهي مع الحزب بعد انهيار التسوية؟
على مدى شهور، راكم التيار الوطني الحر، الرافعة السياسية الأساسية لعهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إشارات تفيد برغبته في الانتقال من رأس حربة الموالاة إلى صفوف المعسكر المعارض، في محاولة للبعث برسائل مطبوعة بالايجابية إلى الثوار، الذين كان رئيس التيار الوزير السابق جبران باسيل في صلب هتافاتهم المنددة في الفترة الأولى من ثورة 17 تشرين.
صحيح أن باسيل ارتضى على مضض البقاء خارج حكومة الرئيس حسان دياب، في محاولة جديدة لكسب رضى الحراك الشعبي، وقد أعلن في مؤتمر صحافي عقده في 12 كانون الأول الفائت أن التيار لا يجد ضيرا ولا تناقضا في الاتجاه إلى لعب دور المعارضة البناءة في عهد الرئيس عون تحديدا. لكن الصحيح أيضا أن الدعوة البرتقالية إلى الاعتصام أمام مصرف لبنان عصر الخميس المقبل جاءت بالتزامن مع نعي التسوية الرئاسية من جانب عرابها الأول الرئيس سعد الحريري، في احتفال 14 شباط، بعد هجوم سياسي عنيف طال باسيل، ولم يوفر بشظاياه رئيس الجمهورية. صورة من شأنها أن تطرح تساؤلات مشروعة حول اتجاه التيار إلى التماهي التام مع حزب الله ومطالبه الاقتصادية والمالية من جهة، وعن قدرته على مواجهة جبهة معارضة بدأت ملامحها ترتسم في الأفق، وتضم القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، على وقع شارع يلتهب بمطالب الثوار وبنيران الأزمة المالية والاقتصادية.
لكن مصادر قيادية في التيار الوطني الحر تجد الاجابة السريعة عن كل هذه التساؤلات، نافية عبر "المركزية" أن يكون التماهي مع حزب الله ورقة يلعبها التيار لتعويض "خسارة" التسوية مع الحريري التي نعاها الأخير، قاذفا إياها إلى "ذمة التاريخ".
وذكرت المصادر بأن "التحالف بين التيار وحزب الله قائم قبل إبرام التسوية مع الحريري"، مشددة على "أن هذا التحالف ثابت، وأن لبنان محكوم بالتفاهمات السياسية".
وتعليقا على خطاب الحريري يوم الجمعة الفائت في بيت الوسط، اعتبرت المصادر أنه بدا مناسبة لممارسة الشعبوية ولشد العصب، وهو ما يفسر الهجوم الشرس ضد باسيل، الذي يعمل في الميدان السياسي، من منطلق وطني، لا لكونه رئيس حزب كبير ومؤثر في البلاد".
وأكدت المصادر أن العونيين لا يخشون النزول إلى الشارع في هذا التوقيت لأن المطالب التي يرفعوها تحظى بإجماع اللبنانيين، مشددة على أن "الشارع لعبة خطرة عندما يرفع المتظاهرون مطالب وشعارات ينقسم إزاءها الناس".
وذكرت المصادر بأن تكتل لبنان القوي أرسل منذ شهور كتابا إلى مصرف لبنان في شأن الأموال المهربة إلى الخارج منذ 17 تشرين الأول، لكنه لم يلق أي جواب، ما دفعه إلى الانتقال إلى مرحلة لعب ورقة الشارع".
في مجال آخر، وفي ما يخص الجدل الذي أثاره إنطلاق أعمال بناء المقر العام للتيار الوطني الحر على مقربة من موقع نهر الكلب الأثري التاريخي، مع ما يعنيه ذلك من تهديد لواحد من أهم المعالم الأثرية والتاريخية في منطقتي كسروان والمتن، أعربت المصادر عن استغرابها لإثارة هذا الملف في هذا التوقيت بالتحديد، علما أن باسيل كان أعلن المشروع ووضع له الحجر الأساس في احتفال التيار بذكرى أحداث 7 آب 2001، في 7 آب 2019.
وشددت على أن التيار استحصل على كل الرخص المطلوبة للشروع في أعمال البناء، مشددة على أن الأخيرة لا تطال الموقع الأثري ولا تؤثر عليه، بل على مقربة من بعض المطاعم والصالات التي تقام فيها الأعراس في المنطقة.