في ذكرى الشيهد رفيق الحريري يتهئ ما تبقى من الحريرية السياسية لشحذ الهمّة و القوّة من مناسبة رئيس صرفوا كل أرصدته الدولية و العربية والوطنية والطائفية ولم يبق منها شيئًا على الإطلاق لتيّار أفلس السياسة التي بناها عملاق كبير وهدّمها صغار العاملين في ورشة تحتاج إلى كبار من أمثال الشهيد باني مجد الحريرية السياسية .
سواء كنا مع التجربة الحريرية بقيادة الشهيد رفيق الحريري أو اختلفنا معها تبقى علامة مضيئة في التاريخ اللبناني ولكن قادنا الإختلاف جميعاً ممن تقاطع مع الوراثة السياسية أو إغترب عنها مع التجربة الحريرية برئاسة سعد الحريري الذي جعل جرحها نازفاً بحيث سقطت صريعة أكثر من مرة رغم أن ما أعطيّ له لم يتوفر لأحد من العاملين في الحقل السياسي ومن رواد الطبقة السياسية إذ أنه ولد سياسياً وفي فمه ملعقة ذهب من عيار دولي وبوزن عربي وبثقل وطني فاز من خلاله بأكثرية نيابية وبحكومات من سنخ الأكثرية وبحشد شعبي قلّ مثيله.
من قمّة الشهيد والشهادة اللبنانية تدحرج سعد الحريري سريعاً ولم يتمكن من المحافظة على صخرة يتمسّك بها كي لا يقع خارج التاريخ بحيث بات أسير سياسات وابتزازات التيار الحر الذي أمسك برئاسة الحكومة في ظل سكوت تام للرئيس الذي يردد فقط مقولة أبيه البلد أكبر من الكل وتيّار نائم نومة أهل الكهف بعد أن فقد قوّة المال الذي اُعتمد كعصب رئيس في ممارسة العمل السياسي في ظل مجموعة محركة لإدارته التنظيمية والطائفية والوطنية بطرق لم تبق على أحد فأضافت إلى خسارات سعد الحريري هزائم أخرى جعلت منطقتين كطرابلس وعكار من أكثر الخصوم السياسيين لسعد الحريري وحصروا تأييد الحريري في شارع طريق الجديدة بعد أن فقدوا تمثيلهم الحصري لصيدا.
إقرأ أيضًا: العرب من زياد أسود ونادية لطفي إلى إدلب
بعد أن كان الحريري تيّاراً عابراً للطوائف بات تيّاراً لا يمثل الطائفة التي مالت كل الميل إلى الحريرية السياسية وبعد أن كان أكثرية نيابية وحكومية بات أقلية ملتحقة لتوفير وتأمين النصاب للجلسات حتى يُرضى عنها نيابياً وبعد أن كان رئيساً ثابتاً للحكومات بات مجرد اسم ملزم بدفتر شروط للقبول به رئيساً بدون صلاحيات.
ما يقوله سعد الحريري لحضور مضغوط عليه في مناسبة أبيه الشهيد لم يعد ذات صلة لا بالموضوع ولا بالتجربة ولا بالواقع لقد خسر ثقة الناس به وخاصة ثقة الثورة التي سال دماء شبابها وشباتها في وسط بيروت وبأوامر مباشرة من الوزير المختص في حكومته.
لذا من الصعب أن ينجده الخطاب الرنّان المعد سلفاً في ظل سياسة الهزائم المتعاقبة وفي ظل خوائه من أيّ قوة تُذكر سياسياً وشعبياً وإعلامياً ومالياً وعربياً ودولياً فلقد سكّرت سياسات الحريري كل الأبواب وهذا ما وضعه أمام باب واحد وهو المغادرة السياسية وإعلان الإستقالة من العمل السياسي شأنه شأن الفاشلين بها وهذا ديدن من يفشل ولا عيب في ذلك بل فيه من الجرأة والإحترام ما يكفي لجعل مبادرة الحريري علامة مضيئة في التجربة السياسية اللبنانية و دبذلك يكون منسجماً تمام الإنسجام مع مناسبة شهيد نجح في تأسيس سياسة حريرية قادت البلاد لسنوات وهي تحتاج الى فرص جديدة على أيادي آخرين من خارج إدارة المستقبل الحالية والعائلية .