الطلاق العاطفي هو علاقة زوجية انتهت صلاحيته منذ فترة ولكنها استمرت لسبب ما قد يكون الأطفال، أو الحفاظ على الشكل الاجتماعي أمام العائلة، فيجبر أحد الطرفين أو كلاهما في الاستمرار في تلك العلاقة لفترة قد تقصر أو تطول، متعايشين في جو من الحزن وعدم السعادة.
يتشكّل الطلاق العاطفي عادة عندما يعيش الزوجان تحت سقف واحد دون مشاعر واهتمامات مشتركة بينهما، ودون أي ارتباط عاطفي بينهما، فالطلاق العاطفي أسوأ ما يحدث في الحياة الزوجية بين شخصين لأنه إنذار نهاية كل شيء.
الزواج علاقة مقدسة بين الرجل والمرأة، ومثل باقي الأمور في الحياة التي تتعرض إلى تغيرات، فإما أن تكون هذه التغيرات إيجابية فتزداد المحبة والانسجام بين الزوجين مع مرور السنوات، أو سلبية تؤثر على حياتهما معاً، حيث تتعرض العلاقة الزوجية إلى الارتخاء، ثم الضعف، ما يؤثر في تماسك الأسرة ومقاومتها، حينها تبدأ كثير من "الأمراض" بالتغلغل في جسد هذه العلاقة، وتضعف لغة التواصل والحوار بين الزوجين، ولا يجدان أمامهما سوى خيارين إما الطلاق الشرعي إلى غير رجعة، أو ما يسمَّى بـ "الطلاق العاطفي"، الذي يعد أكثر أنواع الطلاق خطورة، وأشدها ألماً، لكون الشريكين يعيشان تحت سقف واحد، لكنهما "مطلقان" دون شهود، ويعيشان مثل "الغرباء"، ويضطران إلى تحمل هذا الوضع لأسباب عدة منها: المحافظة على الشكل الاجتماعي، أو الحفاظ على الأطفال ورعايتهم من الضياع، أو لمصالح مالية مشتركة بينهما.
أسباب حدوث الطلاق العاطفي:
- اعتقاد الزوجين أن المشكلات هي العامل المشترك الوحيد بينهما.
- اعتبار أحد الأطراف نفسه الأفضل، لذا يتعالى على الطرف الآخر، ويشعره بالنقص.
- تمادي أحد أطراف العلاقة بالكذب على الطرف الآخر، ليكتشف الأخير أنه واقع تحت خديعة شريكه، وأنه خائن للعشرة وكاذب.
- البرود الجنسي أو تحول العلاقة الجنسية إلى روتين أو واجب.
- اختلاف الاهتمامات والمعتقدات والأهداف والمستوى الثقافي والاجتماعي بين الزوجين، ما يجعل التواصل بينهما صعباً، فتدخل الحياة الزوجية في حالة موت سريري، يختفي فيها الشعور بالأمان الذي يمثل الركيزة الأساسية لنجاحها واستمرارها.
كيف يتخطى الزوجان "الطلاق العاطفي"؟
1- عند الشعور بالفتور في العلاقة يفضل زيارة معالج نفسي أسري سريعاً.
2- محاولة فهم الآخرحقوقه وواجباته، مشاعره واحتياجاته، مشكلاته ومخاوفه، فهم هذه التفاصيل العميقة يساعد على تجاوز الطلاق العاطفي.
3- الحوار بينهما مهم جداً، ومراعاة الوقت المناسب لذلك، أي وقت فراغهما.
4- الاستمتاع بالعلاقة الحميمة وكسر روتين المعتاد في العلاقة.
5- لكلمة "شكراً" إذا تم نطقها بحب وامتنان أثر إيجابي على الإنسان بشكل عام، وإذا جاءت من شريك الحياة فإن إثرها أبلغ، لذا يفضل تقديم الشكر في أبسط الأمور مثل إعداد الزوجة وجبة العشاء، أو عندما يشتري الزوج مكونات "وجبة العشاء"، فالحياة تكامل وتوزان.
6- اعتراف الزوجين بأهمية الآخر في حياته.
7- التغاضي عن بعض الأخطاء، ومحاولة التركيز علي كيفية تجنب وقوعها لتفادي المشكلات الزوجية.
8- الاهتمام بمشاعر شريك حياتك: عندما يعبر لك عنها، ويصف بأنه سعيد، أو حزين لا تتجاهل مشاعره واهتم به.
9- الضحك علاج لكل داء كما يقال، عندما يتحلى أحد الطرفين بروح مرحة يمكن أن يتجاوز الأمور غير الإيجابية، لأن سبب صراعاتنا كلها "تضخيم الأمور البسيطة لتصبح كبيرة"، والضحك يثير عاطفة قوية داخل الطرفين، ويقوي الحس الفكاهي في العلاقة.
علاج الطلاق العاطفي:
تقدم أن الطلاق العاطفي يعد الحلقة الأخيرة في سلسلة الحياة الزوجية في حال عدم معالجته، وأما إذا ما عولج بالشكل الصحيح فإن هناك أملاً بعودة الحياة الزوجية إلى مسارها الطبيعي، ومن أهم طرق علاج الطلاق العاطفي:
1- اعتراف الزوجين بوجود فيروس خطير قد اخترق جسم الحياة الزوجية وعمل على إعاقته وهو الطلاق العاطفي. والاتفاق على ضرورة تكاتفهما وبذل كل ما في وسعهما من جهود من أجل القضاء عليه لتستعيد حياتهما الزوجية كامل صحتها وتمام جمالها.
2- العمل على تأصيل سمة الصراحة والوضوح في التعامل بين الزوجين ليتمكن كل منهما من فهم الآخر وفهم مشاعره بالشكل الصحيح، والتعرف على احتياجاته وأفكاره و مشاكله و مخاوفه التي تساعد كثيراً على فهم الآخر وتعميق العلاقة بينهما وتقويتها.
3- اعتماد لغة الحوار والتفاهم بين الزوجين والابتعاد عن الاتهام والتجريح والحرص على الخروج من الحوار بثمرة مفيدة تتمثل في الحل الذي يرتضيه الطرفان.
4- تقدير كل من الزوجين الأعمال التي يقدمها الآخر وشكره عليها مهما كانت بسيطة، والاهتمام بإيجابياته ومدحه عليها والامتنان منه لغرض تعزيزها.
5- احترام الطرف الآخر وتجنب فعل أو قول كل ما يشعره بالإهانة مهما بدا بسيطاً. وإشعاره بأهميته البالغة في حياة شريكه وجعله من أولوياته ومنحه الاهتمام اللازم.
6- الاهتمام بالعلاقة الخاصة بين الزوجين والإقلاع عن إشعار الطرف الآخر بأنها مجرد تأدية واجب.
7- مشاركة كل طرف هوايات واهتمامات الطرف الآخر.
8- اعتماد اللطف والرقة في الأقوال والأفعال مع الطرف الآخر لجذب وده ومحبته.
9- أكثر ما يجمد العلاقات هو الروتين اليومي فمن المفيد إدخال أمور جديدة في الحياة الزوجية لكسر هذا الروتين من قبيل القيام بنزهات أسبوعية أو زيارة الأماكن التي كانا يزورانها معاً في أيام الخطوبة وبداية الزواج لإستذكار تلك الذكريات الجميلة العبقة بحب الطرف الآخر.
10- على كل من الطرفين أن يحاول تقبُّل الطرف الآخر وغض الطرف عما قد يشتمل عليه من عيوب، وتذكُّر أننا لسنا بمعصومين ومن الطبيعي أن تصدر منا بعض الأخطاء، ومن لا يغفر لصاحبه اليوم خطأه كيف يتوقع منه أن يغفر له أخطاءه.