أخاف الثوار السلطة السياسية لكثرة ما حشدوا واستعدوا لتحرك ينتظر أن يكون واحدا من أكبر التجمعات الشعبية منذ إنطلاق الثورة في 17 تشرين الأول الفائت، لمنع نواب الأمة من الوصول إلى البرلمان للتصويت على الثقة بحكومة كان الثوار السباقين في عدم منحها الثقة منذ ما قبل تأليفها.
 
 
وفي انتظار ردة فعل السلطة على تحرك المنتفضين، تبدو الأنظار شاخصة إلى الكتل النيابية المعارضة للنهج السياسي السائد، والتي لم تتأخر في التعبير عن تأييد الحراك الشعبي ومطالبه المحقة، في ضوء الجدل الدائر حول نصاب انعقاد الجلسة وعدد الأصوات الذي تحتاجه الحكومة لنيل الثقة، في مقابل الأصوات الداعية إلى مشاركة المعارضة في الجلسة لتغتنم الفرصة وتفصل موقفها المناوئ لحكومة الرئيس دياب، وهو الموقف الذي تعبر عنه حناجر المنتفضين في الشارع.
 
وفي السياق، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" إلى أن في استطاعة رئيس الحكومة والقوى الممثلة فيها النوم على حرير 69 صوتا نيابيا أيدت تكليف دياب مهمة التأليف، من المفترض أن تمد حكومته بجرعة الثقة المنتظرة. لكن هذا لا ينفي أن الاتكال يبقى على مشاركة النواب المستقلين والقوى المصنفة في الخانة السيادية لتأمين نصاب الجلسة من عدمه، على وقع الغضب الشعبي.
 
في هذا الاطار، تشير المصادر إلى أن من شأن مشاركة الكتل المعارضة الوازنة أن تعطي المجلس الذي ما عاد يلبي مطالب الثورة، الغطاء المطلوب سياسيا وشعبيا وميثاقيا لانعقاد الجلسة بشكل طبيعي، مذكرة بأن المجلس ما كان ليتمكن من إقرار موازنة العام 2020 قبل أسبوعين لولا حضور أعضاء كتلتي المستقبل (17 نائبا من أصل 20)، واللقاء الديموقراطي (5 نواب من أصل 9)، في مقابل مقاطعة القوات والكتائب، لافتة إلى أن المعطيات المحيطة بهذه الجلسة تختلف عن تلك التي تجمعت في الأفق قبيل التصويت على الموازنة. ذلك أن انعقاد الجلسة في ذاته لا يشكل مخالفة للدستور، بقدر ما هو ضربة قاسية جديدة توجهها الأحزاب السياسية للثوار، الذين لم تستجب حتى اللحظة لكثير من مطالبهم. صورة تدفع المصادر إلى القول إن مشاركة اللقاء الديموقراطي وتكتل الجمهورية القوية (القوات اللبنانية) بكامل أعضائهما في الجلسة المزمع عقدها غدا تشكل جرعة دعم للفريق الذي عمل على تشكيل الحكومة، والمؤلف من الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وتيار المردة، فيما راكمت معراب والمختارة في المرحلة السابقة إشارات الاختلاف الجذري مع أركان الحكم، والتأييد المطلق للثوار.
 
وفي انتظار القرار القواتي النهائي، تنبه المصادر إلى أن حزب الكتائب، الذي لطالما اعتبر رأس حربة المعارضة، قرر مقاطعة الجلسة لعدم تأمين هذا الغطاء لأفرقاء السلطة. موقف التقت عليه الصيفي مع النائبة بولا يعقوبيان التي غردت عبر "تويتر"، معتبرة أن الحل يكمن في منع التئام عقد المجلس للتصويت على الثقة، شأنها في ذلك شأن النائب الكتائبي الياس حنكش الذي أكد عبر "تويتر" "أننا لا نحتاج دروسا في النصاب والثقة"، رافضا رؤية أمور البلد تسير على طريقة Business as usual ، وكأن لا ثورة منذ أكثر من 120 يوما.
 
تبعا لذلك، تختم المصادر بالاشارة إلى أن الثوار قلبوا المعادلات إلى حد جعل حزب الله وحلفاءه يتكلون أولا على خصومهم السياسيين، والنواب المستقلين لإطاحة الحراك وتسيير عجلة المؤسسات، لا لشيء إلا لأنه في حاجة لغطائهم لتمرير امتحان الثقة على حكومة لا ترضي الناس ولا كثيرا من الكتل النيابية، التي يتوقع البعض أن تعبر عن معارضتها في المجلس، مؤمنة  من حيث لا تدري الجو الملائم لانعقاد الجلسة على رغم الغضب العارم في الشارع.