بين ماضينا الإسلاميّ وحاضرنا الإثني عشريّ ثمّة فاطمتان؛ فاطمة الأولى: هي بنت نبيّ الإسلام محمّد "ص"، زوجها عليّ "ع"، من أولادها الحسنان "ع"، وقع بينها وبين زوجها ما يقع بين الرّجل والمرأة من مشاكل وعدم انسجام، كما وقع بينها وبين أبي بكر خلاف حول بستان فدك؛ فادّعت ملكيّتها الشّخصيّة وادّعى الخليفة ملكيّتها العامّة، رحلت من هذه الدّنيا مبكّرة كبقيّة أشقّائها وشقيقاتها وهي في أواخر العشرينيّات، نجهل مكان قبرها كما نجهل تحديد مكان قبر عائشة وغيرها من كبار تلك المرحلة أيضاً.
أمّا فاطمة الثّانية: فهي مذهبيّة محضة؛ رأس مالها كسر ضلعها وإسقاط جنينها، وبستانها الّذي طالبت به هو إمامة زوجها، لا تحيض كما تحيض النّساء، ولا تحمل كما تحمل النّساء، ولا ترى ما ترى النّساء بعد الولادة، ينزل عليها جبرائيل، لديها مصحف خاصّ بها، كان مهرها خمس الأرض، وزفافها في السّماء..إلخ من حكايات ومقامات وأساطير معروفة، وهي منذ قرون طويلة الدكّان الأوّل للمذهبيّين.
نحن مع الأولى، وندافع عنها، ونجلّها ونوّدها ونحترمها احتراماً للرّسول "ص"، وليس لأيّ موقف من مواقفها النّفسيّة والعاطفيّة إلزام يقع على عاتق المتديّن بدين الإسلام، لكننّا ضدّ الثّانية، ونعتقد بضرورة تخليص الوعيّ الإسلاميّ منها في سياق تنقية شخصيّة السيّدة فاطمة بنت محمّد "ع" من الشّوائب المذهبيّة المهينة، فتأمّل كثيراً كثيراً ولا تأخذك العزّة بالمذهب وأخطائه، والله من وراء القصد.