وها نحن نمضي قدماً، بذكرى إطلاق مبادرة أسبوع «الوئام بين الأديان»، والتي اطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين عام 2010، في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبدورها اقرت الجمعية العمومية أسبوع الوئام العالمي بين الأديان، والاحتفال به في الأسبوع الأول من شهر شباط كل عام.
إن اجماع العالم، بأهمية وضرورة المبادرة بهدف التقارب بين اتباع الأديان من بعضهم البعض، والتعبير عنها بالاحتفالات والخطابات والأنشطة والفعاليات، والتي تستمر احياناً أكثر من أسبوع، إن دل يدل على تأكيد المؤكد، لنجاح هذه المبادرة واستمراريتها، والرؤيا بعيدة المدى لتحقيق اهدافها، والتي ارتكزت على القبول، وحاجة المجتمع العالمي، لمثل هذا التقارب بين اتباع الأديان.
إذاً، اضاءة قنديل السلام والمحبة بين أتباع الأديان في وسط الظلام المدقع الذي نعاني منه. إن كان بشكل حروب ونزاعات وثورات وخطابات كراهية، وعنف بغيض، وإرهاب، وتطرف ...، ما هو إلا تأكيد المؤكد، على اننا في حاجة مستمرة الى ضوء الأمل، ليضيء درب الانسان، وليصل الى عقولنا وقلوبنا، ويعود بنا الى انسانيتنا، وايماننا بالله عز وجل، ومحبة جارنا الانسان بوجود النية الحسنة تجاه الآخر.
جاء أسبوع الوئام بناء على «رسالة عمان» ومبادرة «كلمة سواء»، وها هم القيادات الدينية، والقيادات السياسية، وذوي الاختصاص على المستوى العالمي مستمرين في تبني المسؤولية تجاه الإنسانية.
فقبل عام تم إطلاق وثيقة الاخوة الإنسانية من اجل السلام والعيش المشترك، في أبو ظبي، ووقع عليها شيخ الازهر الشريف أحمد الطيب وقداسة البابا فرنسيس، وجاء فيها: « إن هذه الوثيقة، إذ تعتمد كل ما سبقها من وثائق عالمية نبهت إلى أهمية دور الأديان في بناء السلام العالمي، ... «. وركزت الوثيقة الدعوة للتآخي والمصالحة، والتسامح والحوار، والتفاهم والتلاقي، والتمسك بالسلام ونبذ العنف والتطرف، بالاتكال على كل ضمير حي بين الجميع دون استثناء.
ومع كل هذه المبادرات والأعمال التي قدمها كل في مكانه وموقعه ومسؤوليته، ما زلنا بحاجة الى المزيد من العمل والتطبيق الجاد، باشراك الشباب في المسيرة نحو عالم يعم فيه السلام والسلم، وتوعيتهم بأهمية الشراكة والتشاركية المبنية على الحوار والتعاون، وتكثيف الجهود المحلية والدولية والعالمية، في تبني المبادرات الشبابية لبناء مستقبل يخلو من التطرف والتعصب والعنف، وخطابات الكراهية والعبث الفكري، وخاصةً في ظل ما نشهده عبر الإعلام الرقمي ووسائل الاتصال، مما ينعكس على بلادنا ومجتمعاتنا، والأجيال القادمة، فلتكون الصورة واضحة ودقيقة امامهم، والابتعاد عن نهج الدجل الذي يتبعه بعض الافراد والجماعات الصغيرة التي لها تأثير سلبي، فالاختلاف ليس بخلاف، ولكن تأكيد المؤكد، أننا في أمس الحاجة للسلام والمحبة وحسن النية تجاه الآخر.