ما إن أعلنت اللجنة الوزارية الانتهاء من إعداد البيان الوزاري الذي ستتقدم الحكومة على أساسه لنيل الثقة من مجلس النواب، حتى عادت أصوات الاعتراض التي وصفت الحكومه بحكومة المستشارين المقنّعة البعيدة عن مطالب الناس؛ على الرغم من أنها تضم عدداً من الوزراء المشهود لهم بنظافة الكف والشفافية. لكن ذلك لم يشفع بعد للحكومة بانتظار بدء خطواتها العملية للحكم عليها. والى صيغة المقاومة، بند اخر امام لجنة صياغة البيان الوزاري سيُشكّل مؤشراً لتوجهاتها، وهو العلاقة مع سوريا، مع العلم ان الفريق السياسي الممُثل في الحكومة يؤيّد عودة الحرارة الى العلاقة لاعتبارات اقتصادية اولاً.
وتؤكد المصادر المقرّبة من حزب الله ضرورة الانفتاح على سوريا، لانها المنفذ الاقتصادي البرّي الوحيد للبنان، مقللة من اهمية ما يروّج عن ان تفعيل العلاقات معها، مقدّمة لعودة الامور الى ما كانت عليه قبل العام 2005 وخروجها من لبنان. والتسريبات أشارت إلى معلومات عن تمسك حزب الله بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة في البيان الوزاري، على عكس ما كانت تنفيه مصادر حكومية، فضلاً عن تسويق الانفتاح على سوريا، وفق ما أعلن عن ذلك وزير الزراعة، عباس مرتضى، الذي قال إنه سيزور دمشق بعد نيل الثقة للتباحث في مسألة الصادرات اللبنانية عبر معبر نصيب، وهو ما وجدت فيه مصادر المعارضة إحراجاً للبنان في هذا الوقت، ما قد يحرمه من المساعدات المالية لإنقاذه من أزمته المالية والاقتصادية التي يتخبط فيها منذ ما قبل اندلاع انتفاضة 17 تشرين. وطالبت مصادر المعارضة، بالتشديد على سياسة النأي بالنفس، واستبدال الثلاثية بثنائية الشعب والدولة التي على حزب الله أن يتعاطى معها كواقعٍ جديد.
وفي حين تفرض الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يمرّ بها البلد نفسها على المناقشات، بحيث انها ستحظى بحصّة الاسد في الصيغة من خلال البحث في الاجراءات الطارئة التي يجب اتّخاذها سريعاً للحدّ من حجم الخسائر وملاقاة مطالب الانتفاضة الشعبية والدول المانحة باقرار اصلاحات ضرورية للحدّ من الهدر ومكافحة الفساد، تترقّب الاوساط المحلية ومعها المجتمع الدولي الفقرة المتعلقة بسياسة الحكومة في البيان الوزاري، باعتبار انها ستكون الاشارة التي ينتظرها اللبنانيون والخارج لتحديد هوية حكومة حسان دياب.
ومع ان رئيس الحكومة يحرص على اولوية الانقاذ المالي والاقتصادي، لان الازمة غير المسبوقة التي يمرّ بها البلد لا تحتمل ترف الخلافات الانشائية على تعابير ومصطلحات، وعلى ضرورة استعادة ثقة اللبنايين والمجتمع الدولي قبل اي شيء اخر، لا يبدو ان حسابات بعض القوى الممثلة في الحكومة تتطابق مع رغياته، خصوصاً اذا كانت اشتمّت رائحة شروط تُفرض على لبنان من بوّابة الازمة الاقتصادية لفرض تعابير في البيان الوزاري تتلاءم مع مصالحها واهدافها المشبوهة.
إقرأ أيضًا: الحكومة تبحث عن صدمة والتوطين يطل مع صفقة القرن
ومن بين هذه القوى حزب الله الذي يرفض كما نقلت مصادر مقرّبة منه اي مسّ بالثلاثية الذهبية الشعب والجيش والمقاومة تحت اي حجّة، كما يرفض اي إخراج انشائي بشأنها.
وتقول لا تغيير في صيغة الثلاثية انطلاقاً من ان لا يجوز المسّ بسيادة لبنان تحت الحجج والذرائع. هذه السيادة خط احمر ولا نقبل التفاوض عليها ولا اجراء عملية تبادل بشأنها مع مساعدات ووعود واهية.
وتؤكد المصادر المقرّبة من الحزب ان لا تفريط بحماية لبنان التي تؤمّنها ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، ولن نترك امن لبنان لقمة سائغة في فم العدو الاسرائيلي، ولن نسمح للسفارة الاميركية في بيروت الراعية لمصالح اسرائيل، بان تفرض على لبنان ما تريد عبر ممارسة الضغط الاقتصادي علينا.
ورفضت المصادر ما يروّج عن ان فتح حنفية المساعدات الدولية للبنان مرهون ببيان وزاري لا يتضمّن الثلاثية الذهبية، مشيرةً الى ان كل الدول تتآمر علينا بحجّة المساعدات المالية.
وسألت المصادر كيف يُمكن التخلّي عن هذه المعادلة لمصلحة اسرائيل، في وقت اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب ما يُسمّى بـ صفقة القرن على حساب القضية الفلسطينية؟ مشددةً على ان لا تخلّي عن خط المقاومة الذي اثبت جدارته وفعاليته في حماية لبنان ولا صوت يعلو عليه حتى الاميركي.
اضافت كيف سنُعطي للاميركي ما يريد في وقت يضع يده على القطاع المصرفي في لبنان ويراقب من خلاله كل عمليات التحويلات داخل لبنان وخارجه؟ لماذا نرضخ لارادته ولعبة شروطه وهو يمنع لبنان من تعزيز التعاون الاقتصادي مع الصين والعسكري مع روسيا.
والى صيغة المقاومة، بند اخر امام لجنة صياغة البيان الوزاري سيُشكّل مؤشراً لتوجهاتها، وهو العلاقة مع سوريا، مع العلم ان الفريق السياسي الممُثل في الحكومة يؤيّد عودة الحرارة الى العلاقة لاعتبارات اقتصادية.
على من يريد من اللبنانيين مواجهة صفقة القرن بالفعل، أن يهتمّ بلبنان أوّلا وبمشاكله بدل إطلاق الشعارات الفارغة. هناك انهيار لبناني على كلّ صعيد. لا يمكن الهرب من هذا الانهيار إلى صفقة القرن. وبعبارة أخرى، تصوّب الأوساط على ضرورة أن يعطي لبنان نفسه فرصة قبل أن يمنحه أحد اياها، وهذا كلام سُمع من مراجع ديبلوماسية من كلّ الاتجاهات. ويترجم ذلك من خلال عودة لبنان الى أصالته بلداً ديموقراطياً ومنفتحاً ومحايداً ومسالماً ومهتماً بالحوكمة السليمة، أما اذا كان سيبقى عبارة عن ثنائية ميليشيا وجيش، فعندئذ المشكلة أكبر. ويبقى إشارة مهمة الى انه على الرغم من اهمية وحراجة الوضع المالي والاقتصادي إلا ان الحل يكمن في الشق السياسي أولاً و اخيراً.