في 25 حزيران 2019 كتب هذا المقال الاستاذ عماد قميحة ونعيد نشره اليوم لمناسبته اللحظة السياسية الحالية حيث ارتفعت نسبة الإدانة لصفقة القرن وهو يحاكي ما نحن فيه.
خيانة، مؤامرة ، لا للصفقة المشؤومة ، لن نبيع القضية ، فلسطين لنا ، عملاء ، من البحر الى البحر ، المقاومة ، الشعب العربي ، نضال ، مناضل ، حق العودة ، التوطين.
عادت من جديد كل هذه الشعارات الممجوجة والخالية من اي معنى، الا المزيد والمزيد من التخلف والوهن والاجترار لعبارات مللنا منها، ولم تجلب لنا وللشعب الفلسطين صاحب القضية الاول، الا الويلات والتخلف والهزائم المتتالية، وضياع الارض والمستقبل.
حاولت بالمقابل ان استعلم عن موقف العدو الاسرائيلي مما يُطرح هذه الايام، فلم اجد الا تصريحا مقتضبا لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، ردا على سؤال لاحد الصحفيين سأله عن صفقة القرن، حين كان نتنياهو يقوم بجولة مع جون بولتن مستشار الامن القومي الاميركي في غور الاردن في الضفة الغربية فقال بالحرف : "سنستمع للخطة الأمريكية بطريقة منصفة ومنفتحة. لا أستطيع أن أفهم كيف يرفض الفلسطينيون الخطة الأمريكية دون حتى أن يسمعوا ما فيها". واضاف : "أي اتفاق سلام في المستقبل لا بد وأن يشمل وجود إسرائيل في غور الأردن بالضفة الغربية " .
هكذا يُقارب " العقل اليهودي " الطرح، ويسميه " الخطة الاميركية للسلام "، وهكذا يظهر هذا العدو المجرم امام الرأي العام الاميركي اولا، والعالمي ثانيا، بانه هو المنفتح على " خطة السلام " ولا يمانع حصولها، وبالتالي فإن الفشل المرتقب لهذه الخطة، إذا ما حصل، فإن السبب يكون هم الرافضين لها، كارهي السلام والساعين الى تدمير هذا الكيان وشعبه المحب، والمقصود هنا طبعا هو الجانب العربي، وبالخصوص منهم " المناضلون " منذ 60 عام لارجاع كامل التراب الفلسطيني !
نعرف ويعرف " الثوار " ان هذا الكيان الغاصب، لا يمكنه ان يقوم ويستمر، الا على الحروب والاضطرابات، وان التجربة الطويلة معه علمتنا ان " السلام " إن حصل هو بمثابة المسمار الاول في نعشه، وان الرئة الحقيقية التي يتنفس منها، ويحافظ على بقائه من خلالها هي وجود حوله حركات واحزاب تنادي ليلا نهارا بزواله من الوجود، والقضاء عليه، وشاهدنا طيلة كل تلك السنين من " الصراع العربي الاسرائيلي " انه يحريص دائما على تواجد امثال هؤلاء، وهو حاضر ان يمدّهم بكل اسباب الحياة، من اموال يمررها عبر مطاراته اليهم، او من "انتصارات" يمنحها لهم ليعتاشوا عليها ويتوسعوا، وفي اللحظة التي يشعر بضمور واحدة من هذه " الفصائل " التي ترفع كل تلك الشعارات اعلاه، فهو يجتهد لخلق بدائل عنها، ولا ضير عنده بالخلفية الفكرية التي قد تشكل رافعة لهم ان كانت دينية اسلامية، او قومية، او يسارية فالمهم ان تبقى هذه الشعارات مرفوعة في وجهه ولا تسقط .
فإذا كانت " الخطة الاميركية للسلام " او التي نسميها نحن " صفقة القرن " قد تشكل خطرا وجوديا على هذا الكيان، الا ان اسرائيل ليست مضطرة ابدا لاعلان رفضها ومحاربتها، فهي بذلك تعتمد على ومنذ امد بعيد على همة الثوار، فهم يتكفلون بما لا تريد هي ان تقوله، بالخصوص انها تدرك تماما بأن معظم هؤلاء "الثوار" انما يعتاشون على مثل هذه العنتريات، ويجيدون بإتقان كيف يخدمون مشروعها ... ورحم الله الشاعر العراقي الذي قال يوما : من باع فلسطين سوى الثوار الكسبة ؟!