كان متوقعاً ألّا تنعقد «الجلسة الاستثنائية» للموازنة لترجيح غالبية الوسائل الاعلامية عدم اكتمال النصاب، خصوصاً عندما كاد عدّاد الحضور ان يتوقف عند الرقم 31 عند حلول موعد انعقادها في الحادية عشرة قبل الظهر، قبل أن تصل كتلة «المستقبل» بجميع أعضائها متأخرة أكثر من نصف ساعة، ما قلب المعادلة لتكفل هذه الكتلة تأمين النصاب... و«حبّة مسك».
توضح مصادر كتلة «المستقبل» موقفها الحقيقي في هذا الصدد، فتقول لـ«الجمهورية» انّ خطوتها انطوت على أربع رسائل:
1- الاولى، تؤكد ان «المستقبل» ليس معطلاً للدولة والمؤسسات على رغم أنّ أطرافاً أخرى اعتمدت هذه اللعبة على مدى سنوات.
2- الثانية، ان «المستقبل» لا يريد الإفساح لرئيس الحكومة حسان دياب في القول مستقبلاً انّه لم يحقّق النتائج التي أرادتها حكومته، لأنّ الموازنة هي موازنة حكومة سعد الحريري «ولست أنا من أعدّها». ولذلك أرادت الكتلة أن تسأله مباشرة «أتتبنى هذه الموازنة أم لا؟» فكان جوابه أنّه يتبنّاها.
3- الثالثة، ان كتلة «المستقبل» حضرت الجلسة لكي تقول ان الحريري نفسه لو شكّل الحكومة بدلاً من دياب لكان استردّ هذه الموازنة، لأنّ الموازنات عادة تقوم على تقدير دقيق لمصاريف الدولة وإيراداتها، وإيرادات الدولة تكمن في الاقتصاد وفي إيرادات الـTVA وضريبة الدخل والاملاك والانتقال لذلك كان الحريري سيسترد هذه الموازنة، ويعتذر من النواب ليقول لهم أنّه بعد 17 تشرين اصبحت هذه الموازنة وهمية، لأنّ حجم الاقتصاد اختلف، فعدد المواطنين الذين يعملون ويسدّدون الضرائب انخفض بمقدار كبير، كذلك الاستيراد والبيع والشراء. لذلك لو بقي الحريري رئيساً للحكومة لكان استردّ الموازنة وعاد بها الى المجلس بأرقام حقيقية لا وهمية.
4- الرابعة، انّ تأمين النصاب للجلسة كان لعدم إعطاء رئيس الحكومة صكّاً أبيض للإنفاق على القاعدة الاثني عشرية، بل القول له «أنت رئيس حكومة تحمّل مسؤولياتك، فبين يديك موازنة أنت المسؤول عنها، فإذا قبلت بها وفشلت لا يمكنك تحميلنا الفشل لأنّه كان عليك التمهل وعدم إقرارها قبل استردادها، ولو استرددتها للتعديل لكانت كتلة المستقبل ستصوت معها». كما انّ الغاية من تأمين النصاب كانت أيضاً اعطاء إشارة إيجابية للعمل التشريعي ولعمل المجلس وليس لمصلحة طرف معين، وإنما لأنّ خيار «المستقبل» هو عدم تعطيل المؤسسات.
ولذلك، تؤكد مصادر كتلة «المستقبل» أنّها ومَن يمثّلها حضرت الجلسة للتأكيد انّ هذه الموازنة التي تبنّاها حسان دياب والتي يتحمّل مسؤوليتها في حال أُقرّت وتبناها، هي بالنسبة الى «التيار الأزرق» وهمية وسيصوّت ضدها. وتوضح المصادر نفسها «أن دياب كان بإمكانه الطلب من المجلس عدم مناقشة الموازنة لأنّ حكومته قررت استردادها الى ما بعد حصول الحكومة الجديدة على الثقة. ولفتت الى أن دياب لو أجاب بأنّه لا يتبناها لكانت الكتلة طلبت منه إعلان استردادها وتعديل أرقامها ودعوة النواب مجدداً الى جلسة تتبنّى فيها موازنته الجديدة في حال كانت معدّلة، لكن دياب قال انّه يتبنّى هذه الموازنة كما هي، وبناء عليه صوتت الكتلة ضدّها ملتزمة آلية دستورية برلمانية شفافة.
مع انتخابات مبكرة ولكن!
من جهة أخرى أكّدت مصادر كتلة «المستقبل» أن الحريري سيعاود فور عودته من الخارج أداء دوره التشريعي وسيشارك في الجلسات النيابية، كذلك سيمارس دوره كرئيس تيار «المستقبل» وأينما كان. فهو ما زال مؤيداً للثورة ويعتبر مطالبها محقة، وبناء على هذا قدّم استقالته وقال انّه انّما استقال ليفسح في المجال للمعالجات التي ترضي اللبنانيين، ولن يكون اداة تعطيل. وتمّت تسمية دياب الذي تعهد بمجموعة التزامات «ونحن ننتظر لنرى».
وعن مطلب الانتخابات المبكرة الذي كثر الحديث عنه في الآونة الاخيرة في حال تعثر مسار حكومة دياب، توضح مصادر كتلة «المستقبل» انّ «الحريري قالها من بعبدا عندما اعلن الورقة الاصلاحية، فخاطب الناس قائلاً: «اذا كان مطلبكم انتخابات مبكرة فأنا مع هذا الطلب».
ولكن هذا موقف في المبدأ، واما التطبيق فهو في حاجة الى دراية، بمعنى آخر انّ تيار «المستقبل» يتّخذ خطواته بناء على حدود الاستقرار والسلم الاهلي، فإذا كان تنفيذ هذا المطلب، أي الانتخابات النيابية المبكرة سيكون ثمنه صدام سنّي ـ شيعي أو تلاعب بالسلم الاهلي والاستقرار فلا نعتقد ان تيار «المستقبل» سيدخل في هذه اللعبة، علماً ان قرار تقصير ولاية المجلس النيابي ليس في يد «المستقبل» بل عند المجلس النيابي وهو الوحيد الذي يستطيع التصويت على اختصار ولايته ما يعني أن عدد الاصوات المفترض للتصويت على هذا الاختصار ليس مؤمّناً.