يئس المسقبليون من المستقبل بعد أن أقصاهم من الحاضر وجعلهم بلا مستقبل وباتوا حيارى وسكارى يديرون في دوامة البحث عن خيار آخر غير التيّار
باتت خسارات سعد الحريري لا تُعد ولا تحصى على المستويين الوطني والطائفي وهذا ما عبر عنه الغاضبون من حضور نواب كتلة المستقبل الى المجلس النيابي للتوقيع على الموازنة التي ستعتمدها حكومة حسان دياب في ظل غياب بعض حلفاء 8 آذار وهذا العبط الدائم لدى تيّار المستقبل أتاح الفرص الدائمة لحلفاء النظام السوري في جعل السلطة طوع إرادتهم وهذا ما أبقى ميزان القوّة راجحاً لكفّة من يملك الكفوف على أقفية جماعات 14 آذار .
دائماً ما يفاجىء الرئيس سعد الحريري ما تبقى من المتعلقين بحبال المستقبل فتأتي الصدمة أكثر إيلاماً لهم وهذا ما دفع الصوت "السني" إلى الإرتفاع عالياً وقد شابه الكثير من الأحزان والأوجاع وهذا ما تعلو به كل حنجرة طرابلسية أو بيروتية أو صيداوية راهنت على تيار المستقبل وفقدت الأمل به بعد أن كثر بيعه لكل شيء بحيث بدت الشعارات المتخمة بالقضايا الوطنية والعربية مجرد عقارات وسلع معدّة ومجهزة للبيع وقد دخل بها أسواق المزايدات فباع ما باع طيلة شراء حصة دائمة له في الحكومات المتعاقبة والتي وصلت مؤخراً إلى أرخص الأسعار وهذا ما رخّص مؤخراً من أسهم التيّار في الشراكة الحكومية .
آخر إبتكارات المستقبل كانت بتسديد هدف مباشر في شباك الثورة والتي يحتج جزء منها لصالح الرئيس الحريري والذي احتشد بقوّة ضدّ الرئيس حسان دياب الذي اعتبره خارج التمثيل الطائفي وهو يعمل لصالح خصوم سعد الحريري وأعداء الثورة الذين قلبوا الطاولة على الحريري بشروط دفعته للهروب من الموافقة على التأليف بعد أن أصروا على وجود سياسيين في حكومته في حين أنهم بايعوا دياب على حكومة بلا سياسيين .
يئس المسقبليون من المستقبل بعد أن أقصاهم من الحاضر وجعلهم بلا مستقبل وباتوا حيارى وسكارى يديرون في دوامة البحث عن خيار آخر غير التيّار في ظل إنتكاسات محيطة بكل التيارات التي تحوم حول وراثة المستقبل طائفياً دون أي إطمئنان لإحداها ودون التمكّن من خلق من يُحي دور بديل عن الواقع السياسي المزري من قلب الساحة الطرابلسية الرائعة والتي عكست صورة حيّة لمجتمع فيه قدرات شبابية هائلة لكثافة الضغط عليه من قبل قوى الواقع التقليدي الذي يحرص على خنق أي جديد داخل التجربة السياسية في الساحة الطائفية تماماً كما تفعل باقي ثنائيات الطوائف والتي تحرص أيضاً على إخراس الصوت المعترض على مفاسدها وسوء إدارتها والتي خربت أحجار الوطن لصالح بناء بيوت عائلية وحزبية لتنعم وحدها بثروتي المال والسلطة .
ستثبت السنة الجديدة حاجة الطوائف إلى ثوريين جذرين في البنية الطائفية بعد أن أوصلت البلاد والعباد إلى الحضيض ولم تبق ولم تذر شيئًا على الإطلاق بعد أن انكشفت سوأة الكبير والصغير في سلطة المغارة وتبدو صورة الوضع في الساحة السنية الأكثر وعداً بعد أن تكثفت فيها المعطيات والظروف التي تسمح لها بإحداث رغبتها في التخلص من سلطة الوصاية المستقبلية ومن مستقبل بات بلا مستقبل بل مجرد بائع سياسي على رصيف الطائفة .