قالت السيدة هند بنت عتبة، زوجة أبي سفيان، مُتسائلةً مُستنكرة: أوَ تزني الحُرّة؟
ونحن نسأل مُستنكرين: أوَ يسرق معالي الوزير، أوَ يزني معالي الوزير؟ معاذ الله.
من أعاجيب السلطة اللبنانية الغارقة في الفساد ونهب المال العام، والاثراء غير المشروع، وصرف النفوذ وتكديس الثروات والفساد، من رأسها حتى أخمص قدميها، أنّه لم يُعثر على فاسدٍ واحد طوال ثلاثة عقود من الزمن، سواء كان راشياً أو مُرتشياً، كما أنّه لم يُعثر على واحدٍ أحد مدَّ يدهُ للمال العام، أو استعمل نفوذه لكسب مالٍ حرام، أو قام بتعيين قريبٍ له أو نسيبٍ في موقع رسمي أو وظيفة رسمية، مع أنّ الحديث عن الفساد ونهب المال العام على كلّ شفةٍ ولسان، والبلد منهوبٌ مديونٌ مُتعثّر، مُفلس على حافة الانهيار، وكان على شفا حفرة من النار، فهوى فيها، كل هذا ولا نسمع في نشرة أخبار، أو برنامج حواري، أو مقابلة إعلامية سياسية، سوى الألقاب الفخمة: معالي الوزير، معالي الوزيرة، سعادة النائب، سعادة الدكتور الشيخ، سعادة المحافظ، دولة الرئيس، عطوفة الرئيس، فخامة الرئيس، سيادة اللواء النائب، سيادة العميد الوزير، ألقابٌ سعى إليها مُتسلّقو السلطة الفاسدة منذ نعومة أظفارهم، يتباهوا بها، وتأخذهم العزّةُ بعليائها، يركبون بفضلها ونعيمها السيارات الفارهة، ويفترشون أنعم الرّياش، وتُفتح لهم الأبواب، وتُؤدّى التّحيّات، وينحني الجمهور إجلالاً وإكباراً لألقابهم قبل أشخاصهم، فهل يصُحّ يا ترى بعد ذلك أن يُقال لمعالي الوزير أو الوزيرة، بعد الاعجاب والتقدير والتّهليل والتّفخيم بأنّه سارق، أو مُرتشٍ أو مُرتكب إحدى الكبائر؟
يُروى أنّه لمّا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة على النساء بعد الفتح: " على أن لا يُشركن بالله شيئاً، ولا يسرُقنَ، ولا يزنين"، قالت السيدة هند بنت عتبة، زوجة أبي سفيان، مُتسائلةً مُستنكرة:" أوَ تزني الحُرّة؟
ونحن نسأل مُستنكرين:" أوَ يسرق معالي الوزير، أوَ يزني معالي الوزير؟ معاذ الله.