تعتزم الحكومة الجديدة بعد اجتيازها "قطوع" الثقة اطلاق ثورة تشريعية بهدف كسب ثقة اللبنانيين الذين ثاروا ضد طبقة سياسية تقليدية اوصلت البلاد الى ما هي عليه الان من ازمات.
اولى شرارة هذه الثورة ستكون اقتراح قانون العفو العام الذي يقبع في ادراج مجلس النواب منذ سنوات لاعتبارات سياسية-مناطقية ومذهبية فعلت فعلها في اغلاق باب الهيئة العامة امام تحويله قانوناً رسمياً.
ويُشكّل البيان الوزاري الذي تواصل اللجنة الوزارية الخاصة وضع مسودته في اجتماعات شبه يومية، برنامج هذه الثورة التشريعية لما سيتضمّنه من مشاريع تنوي حكومة ما بعد انتفاضة 17 تشرين الاول السير بها ابرزها العفو العام الذي وُعد به الموقوفون واهاليهم منذ سنوات، لكن بقي حبراً على ورق.
وفي السياق، كشفت اوساط سياسية مطلعة عبر "المركزية" "ان رئيس الحكومة حسان دياب يريد ادراج موضوع العفو العام الذي سبق لعدد من القوى السياسية ان طالبت به، في البيان الوزاري، مع تحديد مهلة زمنية لانجازه سريعاً".
واعتبرت "ان الهدف من ادراج هذا الموضوع بنداً في البيان الوزاري المُنتظر، تعزيز موقع الرئيس دياب في الشارع السنّي، لاسيما في طرابلس وعكار والبقاع نظراً الى ان العدد الكبير ممن سيشملهم العفو محسوبون على هذه المناطق تحديداً".
فالرئيس دياب الذي دخل السراي الحكومي من دون العباءة السنّية على وقع رفض الشارع السنّي له لاسباب مرتبطة بطريقة تكليفه التي اعتبرها انتقاصاً من صلاحيات الرئاسة الثالثة وعبّر عنها بشكل واضح مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عند اعلان سمير الخطيب انسحابه من السباق الرئاسي نحو السراي ثم رؤساء الحكومات السابقون، يسعى الى خرق هذا الجدار السنّي المرفوع امامه بقانون العفو العام الذي تستفيد منه عائلات سنّية كثيرة.
ولفتت الاوساط الى "ان رئيس الحكومة يحاول الاستفادة من "الامتعاض" السنّي لمواقف الرئيس سعد الحريري و"تيار المستقبل" طيلة فترة التسوية الرئاسية واخيراً بالمشاركة في جلسة مناقشة الموازنة وتأمين النصاب لها بعدما كادت تفقده، لوضع ملف العفو العام على نار حامية تمهيداً الى اقراره سريعاً".
وهو بذلك، تُضيف الاوساط "يضرب عصفورين بحجر واحد. فيُعزز من خلال العفو العام موقعه في الشارع السنّي، ثم تُعبّد الطريق امامه الى دار الفتوى التي لم تُحدد حتى الان موعداً له للقاء المفتي".
ولا يبدو ان الحسابات المذهبية-المناطقية وراء اقرار العفو العام موجودة فقط عند الرئيس دياب، بل تنسحب ايضاً الى الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة امل الذي يعيش تحت ضغط شعبي في المناطق المحسوبة عليه، خصوصاً في البقاع تطالبه بالدفع نحو اقراره، لاسيما ان هناك اشخاصا في السجون لم يحاكموا حتى الان.
واوضحت الاوساط السياسية المطّلعة "ان موضوع العفو العام شكّل ورقة ضغط على الثنائي خلال الانتخابات النيابية الاخيرة، وعاد ليُرفع شعاراً اساسياً في المناطق التي انتفضت اخيراً، لاسيما في مناطق بعلبك-الهرمل التي يُشكّل ابناؤها العدد الاكبر من الموقوفين، لذلك لم يعد ممكناً التهرّب منه في وقت تشتعل نار الانتفاضة وتتوسّع رقعتها في المناطق المحسوبة عليه".
وتختم الاوساط بالتأكيد "ان هذا الموضوع سيسلك طريقه نحو الحلّ النهائي بعدما شكّل نقطة تجاذب بين القوى السياسية في الفترة السابقة، والتقاء المصالح المناطقية والمذهبية بين القوى المشاركة في الحكومة سيدفع في اتّجاه اقراره سريعاً في مجلس النواب".