وزّع المكتب الاعلامي لعضو كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل الكلمة التي كان ينوي أن يلقيها أمس في مجلس النواب أثناء جلسة الموازنة العامة، وجاء فيها الآتي:
"عندما نحاول أن نقرأ ماذا جرى ويجري في لبنان على المستويات السياسية والإقتصادية والمالية والمصرفية، يحاول بعضنا أن يغفل مسؤولياتنا الذاتية، ويرد الأسباب إلى الظروف الخارجية بشكل مطلق. لا شك أن للظروف العالمية والإقليمية تأثيرا في المجال الاقتصادي والمالي، لكن ما صنعته أيدينا لا يقل أهمية وخطورة عن الأسباب الخارجية، لا بل تكاد تكون الأسباب المرتبطة بآدائنا العام، هي الأسباب الحاسمة التي أوصلت البلاد الى ما بلغته من إنهيارات على مختلف الصعد".
أضاف: "منذ العام 2011، أخذت المؤشرات منحى إنحداريا متسارعا تقاطع مع تلازم سياسي خطير تمثل بفراغ رئاسي لسنتين ونصف وبهدر الأشهر الطويلة في تشكيل الحكومات كما ازداد فراغ الحوكمة على جميع المستويات الإدارية الرسمية. لذلك، دولة الرئيس، أعتقد أنه من الضرورة بمكان ألا يصدر أي عفو عام كما صدر في عام 1991 وعفى عن كل ما حدث، ولكن في هذا المشهد المؤلم لما توصلنا اليه من فساد وإفساد في أكثر إدارات الدولة ومؤسساتها، يجب علينا أخلاقيا وقانونيا أن يحاسب كل مسؤول كان له دور فيما حدث منذ العام 1992 حتى أوصل المواطنين إلى أن يشحدوا ودائعهم ويتوسلوا الحصول على أموالهم التي جنوها بكد اليمين وعرق الجبين".
وتابع: "مليارات الدولارات قد نهبت واختفت من بعض الوزارات والمؤسسات العامة، ولذلك يجب أن نكشف كل مرتكب كي يكون في ذلك عبرة لمن يعتبر، وليؤكد مجلس النواب دوره الدستوري الرقابي وعلى مستوى المسؤولية للأمانة التي أوكلها اليه الشعب بإنتخابه لنا. وهنا تبرز الضرورة القصوى لقيام سلطة قضائية مستقلة كل الإستقلال لتكشف كل مرتكب وتدين كل من تثبت إدانته بحكم القانون".
وأردف: "أما عن الموازنة، فالواضح أنها موازنة رقمية، لا تشفي غليلا مثلها مثل موازنات السنوات السابقة، باستثناء بعض الإصلاحات الطفيفة، تغيب عنها رؤية إقتصادية ومالية ونقدية وإجتماعية، مما يستتبع وضع خطط لتنفيذ هذه الرؤية وهذه الخطط ترسم تفاصيل الموازنة المطلوبة لتنفيذها".
وأشار الى أنه "من إشكالات هذه الموازنة أيضا عدم توفر مبادئ الشمول والشيوع والتسوية والوحدة المكرس دستوريا بنص المادة 83 من الدستور، قانونيا بنص المادة الثالثة والمادة الحادية والخمسين من قانون المحاسبة العمومية. كذلك أعادت لجنة وزارة المالية تقدير واردات الموازنة العامة فتبين انها تبلغ 13.325.132.000.000 ليرة، أي بنقص على الواردات المقدرة سابقا تبلغ قيمته 6.490.775.000.000 ليرة. وإذا ما علمنا ان التقديرين، السابق والمعدل، يأخذان في الاعتبار مبلغ 5000 مليار ليرة، تفاهمت الحكومة مع مصرف لبنان وجمعية المصارف بتوفيره للخزينة، لتبين بأن قيمة عجز الموازنة سيرتفع الى 12.057.198.000.000 ليرة، في حال عدم الإلتزام بهذا التفاهم، وبأن مشروع موازنة العام 2020 قد فقد أبرز مقوماته وهي التوازن، لان وارداته الذاتية لا تكفي".
وأكد أنه "من هذا المنطلق، تصر لجنة المال والموازنة على إعتبار الواردات المقدرة مؤخرا غير نهائية، وهي تأخذ بها مع التحفظ الواجب، على أساس ان تقوم الحكومة الجديدة، بعد نيلها الثقة، بإعداد مشروع تعديل للموازنة يأخذ في الإعتبار الظروف المستجدة ولاسيما على الصعد المالية والإقتصادية والنقدية"، مشيرا الى أن "اللجنة لم تسقط من حسابها إن إقرار الحسابات المالية يعتبر شرطا دستوريا وقانونيا ونظاميا لإقرار الموازنة كما تقضي أحكام المادة 87 من الدستور والمادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب. إذا فإننا نشرع لموازنة جديدة خارج مقتضيات الدستور وهذا عيب واضح".