حتى وأنا أكتب هذه الحروف وأشاهد أمامي على التلفاز عمليات التسلم والتسليم بين الوزراء القدامى والوزراء الجدد، لست مصدقا بعد أن حزب الله اختار الذهاب إلى حكومة اللون الواحد المحسوبة عليه شاء أو أبى، حكومة المواجهة وحكومة محاربة المجتمع الدولي والعربي فضلا عن المجتمع اللبناني!!
حتى اللحظة لا أريد أن أصدق أن حزب الله يمكن أن يذهب إلى الهاوية بقدميه ويأخذ معه لبنان واللبنانيين، ومنهم بيئته الحاضنة التي لن تسلم هي الأخرى من الدمار القادم لا محالة، بالخصوص أنه "يعلم" علم اليقين بأن ما ينتظرنا هذه المرة هو أكبر وأخطر وأعظم وافجع بما لا يقاس بالذي جرى علينا بحرب ال2006 !
فلا إمكانية بالحرب القادمة لا على الهروب ولا على الاختباء والأدهى لا مكان لإعادة الاعمار والتعويض فالانهيار سيكون ماحقا ساحقا
بالسياسة.
وبعيدا عن أي حس إنساني أو وطني من المفترض أن أكون ومعي كل معترض على سياسات حزب الله بأعلى درجات الغبطة والسرور، فمع هكذا حكومة ليس لديها الحد الادنى من مقومات النهوض أو الحدى الأدنى من معالجات الأزمات الكبرى التي نحن فيها، مما يعني السقوط المدوي لمشروع الحزب وحلفائه ولهذا العهد الفاشل إلى أقصى الحدود، إلا أن ما يمنعني من السرور والانتظار على ضفة النهر هو حرصي على أهلي ووطني وعلى جمهور حزب الله نفسه.
ولا أدري إن كان لا يزال هناك من مهلة أو مندوحة للنصيحة أو للإعتراض على هكذا خطوة إنتحارية بامتياز؟! والتمني على الحزب وحلفائه التراجع ولو من خلال جلسة الثقة المرتقبة.
فاذا كان حزب الله ومعه العهد ينتهج نهج البطل الأسطوري "هرقل" علي وعلى أعدائي، فإن المسؤولية التاريخية هي الآن على عاتق الرئيس بري حصرا، فإذا كانت الورقة البيضاء التي أسقطها يوم انتخاب ميشال عون لم تجد نفعا بسياقات الأمور التي كان يراها ويستشرفها، باعتبار أن وصوله إلى بعبدا يمكن أن يشكل مجرد عقدة من العقد التي عهدها تاريخ هذا البلد ويمكن التعايش معها إلى حين، إلاّ أن تصريح الرئيس بري بالأمس حين قال : أن ثقة الشعب والمجتمعين العربي والدولي أهم للحكومة من ثقة مجلس النواب "إنما هو تصريح واضح وصريح على رأي بري الرافض لهذه الحكومة، وهو اعتراف بأن ما نحن عليه من الخطورة بمكان لا يجدي معه مجرد تسجيل الاعتراض ولا يمكن الآن الاكتفاء بمجرد ورقة بيضاء ... بل هو يحتاج منه إلى صرخة مدوية قوية رافضة معترضة تقول بقول لا وجل فيه ولا خجل "لا ثقة" .
بهذا فقط يمكن أن يكون الرئيس بري فعلا صمام الأمان، وبذلك فقط يمكن أن يحمي لبنان وأن يحمي حزب الله من نفسه . فهل يفعلها ليسجل له التاريخ هذه الوقفة ؟ .. أتمنى