خرجت الحكومة اللبنانية يوم أمس من عنق الزجاجة بعد أسابيع من الصراع على الحقائب والحصص والوزارات، الهمّ الوحيد الذي شغل القيادات والأحزاب والتيارات منذ تكليف حسان دياب تشكيل هذه الحكومة.
السجالات التي رافقت التشكيل والصراع الذي حصل داخل الحلف الواحد لم يكن في لحظة من اللحظات حول الأزمة التي تعصف بالبلاد، ولا حول كيفية معالجة المشكلة الإجتاعية الحالية، وإنما كان الهم الوحيد لدى جميع الاطراف هو توزيع الحصص والمغانم، فيما غابت بشكل كامل الرؤى والبرامج المفترضة لحل الأزمة الحالية، والتي يجب أن تكون أساسا لتشكيل أي حكومة جديدة تعالج بالدرجة الأولى أسباب استقالة حكومة سعد الحريري السابقة والتي سقطت في الشارع حيث لم تراع مطالب الإنتفاضة الشعبية ولم تكن على مستوى التحديات التي تمر بها البلاد لا سيما الأزمة المالية والإقتصادية والإجتماعية.
والسؤال المطروح اليوم ومع إعلان هذه التشكيلة الحكومية هل هي فعلا حكومة على مستوى هذه التحديات؟ وهل هي الحكومة التي يتطلع إليها اللبنانيون والتي يجب أن تعمل على إيجاد الحلول السريعة لهذه الأزمة وإنقاذ الوضع المتردي الذي وصلنا إليه؟
إقرأ ايضاً : دولة مسيلة للدموع
من المؤكد أنها حكومة ليست بالمستوى المطلوب وكانت الأهداف منذ ما قبل هذه التشكيلة هي الحصص والمغانم و "يا محلا الحكومات السابقة!!"
القوى السياسية هي نفسها وإن غابت بعض الأحزاب الأخرى، والذهنية المتحكمة بمفاصل الدولة هي نفسها وطريقة توزيع المغانم والحصص والحقائب هي نفسها، فيما غاب الحراك الشعبي عن التمثيل وكأن هذه السلطة في مكان آخر وكأن ما يحصل على لا يعني هذه السلطة وأحزابها وأقطابها.
إننا أمام دوامة جديدة مع حكومة طبق الأصل عن سابقاتها، ومع إصرار القوى السياسية نفسها على تهميش المطالب المحقة للشارع وعلى التسويف والمماطلة تجاة الأزمة.
إقرأ ايضا : شغب السلطة ووعي الشعب
وبالرغم من المشهد "السوداوي" الذي نراه اليوم فإننا بانتظار البيان الوزاري الذي ستخرج به هذه الحكومة على أمل أن لا نشهد صراعا جديدا على الشعارات ونستغرق بالسجالات السياسية المعتادة حول بعض المصطلحات السياسية "كالمقاومة" ونذهب بعيدا عن الأزمة الحقيقية التي تمر بها البلاد على حساب ما يجري في المنطقة.
المطلوب بيانا وزاريا من أولوياته معالجة الوضع المتردي على الصعيد المالي والإقتصادي والمعيشي والإجتماعي، نريد بيانا وزاريا شعبيا بمعنى أن يلبي المطالب المحقة لهذا الشعب لا سيما مطالب الإنتفاضة الشعبية التي ما زالت حاضرة على الأرض، نريد بيانا وزاريا يتضمن خطة واضحة وجدية حول محاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة ومحاكمة كل المتورطين بسرقة أموال الدولة واستعادتها.
إن هذه الحكومة يجب أن تكون على مستوى نبض الشارع وصرخات الساحات لتكون الحكومة منتجة وإلا فإننا أمام مشهد الإنهيار الكامل.