ضغط فرنسي أميركي على تركيا في مؤتمر برلين لوقف إرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا.
شكلت مهمة مراقبة وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع الليبي نقطة خلاف بين روسيا والاتحاد الأوروبي الذي يحاول من خلال نشر قوات أممية التقليل من نفوذ موسكو في ليبيا.
ويحتم اتفاق الدول المجتمعة في مؤتمر برلين على وقف دائم لإطلاق النار إيجاد آلية لمراقبة ذلك، قد تشمل إرسال قوات سلام للفصل بين الأطراف المتنازعة، ولكن ذلك لن يتحقق إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي، شريطة ألا ترفع أي من القوى الخمس دائمة العضوية حق النقض (الفيتو) في وجه هذا القرار.
كما لم تتحدد من هي الجهة التي سترسل قوات سلام إلى ليبيا، هل الاتحاد الأوروبي، أم حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو الاتحاد الأفريقي بتمويل دولي، أم تركيا باعتبارها وقّعت مذكرة تفاهم عسكري مع حكومة الوفاق الليبية، كما لم تحسم روسيا موقفها بشأن هذه المسألة.
ورحب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج بمقترح إرسال “قوة حماية دولية بإشراف الأمم المتحدة”، مستدركا أن هذه القوة “ليس لأننا بحاجة إلى الحماية كحكومة، ولكن لحماية المدنيين الذين يتعرضون للقصف المستمر منذ 9 أشهر”.
لكن أول المتحفظين على دعوة السراج، كانت روسيا، التي لفتت إلى أن قرار إرسال قوات دولية إلى ليبيا “يتطلب إجماعا كاملا عليه”.
وقال ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا “ينبغي مناقشة هذه المسألة بتوافق الآراء. لا يعتمد حل هذه المشكلة على السراج فقط”.
وفي تلميح إلى إمكانية إجهاض موسكو لإرسال قوة حماية دولية على مستوى مجلس الأمن حتى وإن أقرها مؤتمر برلين، أشار بوغدانوف، إلى أنه “حتى نتائج مؤتمر برلين ستتم مناقشتها في مجلس الأمن الدولي، المخول الوحيد، باتخاذ القرارات الملزمة لجميع الأطراف”.
ومن المتوقع أن تتحفظ روسيا على إرسال قوة دولية أو قوات أوروبية للسلام، بالنظر إلى أنها قد لا تصب في مصلحتها، بل قد يقلص ذلك من نفوذها في ليبيا، ويجهض سعي القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر لدخول طرابلس بعد أن وصلت قواته إلى أسوار العاصمة.
ومن غير المستبعد أن تلجأ روسيا إلى استخدام الفيتو في مجلس الأمن، لإجهاض هذه المساعي الدولية لإرسال قوات سلام إلى ليبيا، في حال توافق المجتمعون في مؤتمر برلين على إصدار هذا القرار.
وجرت الأسبوع الماضي مفاوضات غير مباشرة بين خليفة حفتر وفايز السراج في العاصمة الروسية موسكو إثر اتفاق روسي تركي على هدنة أعلنها في إسطنبول الرئيسان رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين في الثامن من يناير.
وعكست تلك المفاوضات تنامي نفوذ أنقرة وموسكو في ليبيا مقابل تراجع دور أوروبا التي يبدو أنها تحاول استعادة الملف أو على الأقل تقليص ذلك النفوذ عن طريق نشر قوات لها في طرابلس.
وطغى الملف الأمني على المؤتمر وشكلت تصريحات كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ضغطا مباشرا على تركيا لوقف إغراق ليبيا بمرتزقة سوريين من غير المستبعد ارتباطهم بتنظيمات جهادية على رأسها تنظيم داعش.
وطالب الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر برلين بـ”الكف” عن إرسال مقاتلين سوريين موالين لتركيا إلى طرابلس دعما للحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة.
وقال “يجب أن أقول لكم إن ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس، يجب أن يتوقف ذلك”.
وتُتهم تركيا بإرسال الآلاف من المقاتلين السوريين الموالين لها إلى ليبيا لدعم حكومة السراج التي تواجه هجوما يشنه المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على ثلاثة أرباع الأراضي الليبية.
وأضاف الرئيس الفرنسي “من يعتقدون أنهم يحققون مكاسب من ذلك لا يدركون المجازفات التي يعرضون أنفسهم ونحن جميعا لها”.
وبدوره أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن قلقه حيال وجود قوات أجنبية في ليبيا، خلال اجتماع مع مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي.
وقالت مورغان أورتاجوس المتحدثة باسم الخارجية الأميركية بعدما التقى بومبيو مع جاويش أوغلو في برلين على هامش مؤتمر بشأن ليبيا إن “وزير الخارجية عبر عن قلقه من تورط عسكري أجنبي في الصراع”.
وكان مسؤولون بالخارجية الأميركية قد دعوا في السابق بشكل أكثر مباشرة إلى إنهاء وجود القوات الأجنبية في ليبيا.