وزعت سفارة الهند في لبنان بيانا، ضمنته توضيحا لقانون تعديل المواطنة الهندي بقلم السكرتير المتقاعد في وزارة الشؤون الخارجية في نيودلهي راديف سيكيري، وجاء فيه:
"نشب جدال واسع النطاق وغير لائق في الهند بشأن قانون تعديل المواطنة الذي أقره البرلمان الهندي في كانون الأول 2019 والذي يتيح سريعا منح الجنسية الهندية للأقليات المضطهدة في باكستان وأفغانستان وبنغلاديش التي تنتمي إلى عقائد الهندوسية والسيخ والمسيحية والبوذية والجاينية والبارسية، وهذا ينهي إرثا حزينا وفوضويا لتقسيم الهند في عام 1947 عندما انتزعت دولة باكستان الجديدة المسلمة عن الهند أريقت الدماء وجرى القتل على نطاق واسع في كل من الهند وباكستان حيث نزح ملايين من الهندوس والسيخ من البنجاب والسند ومقاطعة الحدود الشمالية الغربية في باكستان الغربية (باكستان حاليا) إلى الهند. كما أن المسلمين ومعظمهم من البنجاب ونيودلهي وأوتار براديش في الهند، نزحوا إلى غرب باكستان.
نزح العديد من الهندوس والسيخ الذين يعيشون في أفغانستان أيضا، إلى الهند نظرا لوجود حدود مفتوحة وغير محددة وحرية انتقال الأشخاص بين أفغانستان والهند غير المقسمة. ومع ذلك، فإن تبادل السكان لم يكن شاملا، فالبعض اختار عدم النزوح فيما البعض الاخر لم يتمكن من القيام بذلك. أما على الحدود بين الهند وشرق باكستان (بنغلاديش حاليا)، فعلى الرغم من أن التقسيم كان أقل عنفا ودموية، فقد جرى تدفق مستمر للاجئين الهندوس إلى الهند من شرق باكستان / بنغلاديش على مدى العقود السبعة الماضية.
عانت الأقليات الدينية بشكل كبير في باكستان، وبدرجة أقل في بنغلاديش (حتى وقت قريب) وكذلك في أفغانستان. فالدول الثلاث اليوم هي رسميا دول إسلامية، حيث يتمتع المسلمون بحقوق وامتيازات خاصة بينما لا تزال الأقليات تتعرض للتمييز والإهانة والاضطهاد. تم تحويل الكثير منها قسرا إلى الإسلام، وتم اغتصاب النساء المنتميات إلى الأقليات واختطافهن وإجبارهن على الزواج من المسلمين. كما تم تدمير المئات من معابد الهندوس والسيخ أو تركها تنهار. نتيجة لذلك، انخفضت حصة الأقليات في هذه البلدان الثلاثة بشكل كبير.
لجأ الآلاف من الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الأقليات المضطهدة إلى الهند ومنحوا على هذا الأساس المواطنة الهندية. يضفي القانون الجديد الطابع الرسمي على هذا الإجراء، بحيث يمكن منح اللاجئين الذين يتعرضون للمعاناة المواطنة الهندية التي تمكنهم من الالتحاق بالمؤسسات التعليمية والحصول على الوظائف وشراء العقارات والتمتع بمزايا الرعاية الاجتماعية للدولة، وبالتالي الحصول على حياة أكثر أمنا وكرامة هو أيضا التزام أخلاقي للهند والذي تم التعبير عنه علنا من قبل قادة جميع الأحزاب السياسية على مدى العقود، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق مانموهان سينغ وهو نفسه لاجىء من السيخ من باكستان.
لماذا إذن هذه الضجة المثارة؟ لقد شوه العديد من أحزاب المعارضة الهندية، المحبطة لكونها خارج السلطة، هذه القضية عمدا وأثارت جدلا، ونشرت مخاوف وهمية بين المسلمين في الهند من أنهم سيحرمون من جنسيتهم، على الرغم من أن القانون الجديد ليس له أي تأثير على أولئك الذين هم بالفعل مواطنون هنود، بغض النظر عن دينهم. وتستمر هذه الأحزاب، التي تتطلع إلى بنك التصويت المسلم التقليدي، الذي يتسم بالضعف، والذي يعتمد على خلق انعدام الأمن بين المسلمين، في الخلط ما بين قانون تعديل المواطنة والسجل الوطني المقترح للمواطنين بشكل مؤسف وغير مسؤول، على الرغم من أن رئيس الوزراء مودي أعلن بوضوح وبشكل قاطع أن عملية الحصول على سجل وطني للمواطنين لن تبدأ دون مشاورات واسعة النطاق. فالمخاوف من عدم بقاء الهند مجتمعا تعدديا لا مبرر لها. هناك دعم شعبي قوي وواسع النطاق للهند حيث يشعر الأشخاص الذين ينتمون إلى جميع الأديان والمجتمعات بالأمان ولا يتعرضون للتمييز. فلدى الهند أحكام قانونية ودستورية خاصة لحماية جميع الأقليات بمن فيهم المسلمون (الذين ارتفعت نسبتهم من إجمالي سكان الهند بشكل مطرد).
يجب القول بوضوح وبلا لبس: يشكل المسلمون الهنود جزء لا يتجزأ من المجتمع الهندي والهند موطنهم. تفخر الهند بأن بعضا من أكبر نجوم بوليوود والرموز الرياضية هم من المسلمين، وكذلك العديد من قادة رجال الأعمال والصناعة الناجحين والماهرين. لدينا أيضا جنود وجنرالات مسلمون فخورون ووطنيون، وقضاة مسلمون حكيمون وعادلون، ومسؤولون ورجال شرطة مسلمون يتسمون بالكفاءة والالتزام، وعلماء ومهندسون مسلمون بارعون ومحترمون. يمكن لجميع طوائف الإسلام أن تقوم بممارساتها الدينية في الهند بسلام. وتدير الأقليات، بما في ذلك المسلمة، أماكن العبادة والمؤسسات الخاصة بها، ولديها مؤسسات تعليمية خاصة بها حيث يتم تعليم أبنائها وفق دياناتهم. كل ما يجري القيام به في مجال التنمية كالطرقات، وإمدادات المياه، ووصلات الغاز، والإسكان، والتعليم، والصحة، إلخ لا يهدف الى تفضيل مجتمع عن آخر".
لا تزال الهند ديمقراطية قوية، حيث الدستور هو القانون الأعلى. هناك مجال واسع للنقاش والمعارضة، وعملية قانونية وقضائية راسخة لمعالجة المظالم. في حين أن الاحتجاج السلمي مقبول، فإن العنف ليس كذلك. يجب محاسبة الناس إذا دمروا الممتلكات العامة وهاجموا أفراد ومؤسسات الشرطة. يجب على الجميع احترام مؤسسة وسلطة البرلمان فلا يمكن للغوغاء في الشوارع والخطاب السياسي من ابطال القوانين التي سنها البرلمان حسب الأصول بعد نقاش مفتوح. ولا يمكن لحكومات الولايات والهيئات التشريعية تحدي القوانين التي بموجب الدستور الهندي، هي من اختصاص البرلمان. ويأمل المرء أن تتصرف جميع الأحزاب السياسية بمسؤولية وتوجه الرأي العام بشكل بناء".