يقول عضو مجلس إدارة احد اكبر المصارف في لبنان، انه يكثر الكلام في الصحف والمجلات كما في المجالس عن الأرباح الطائلة التي افترسها مساهمو المصارف خلال السنوات السابقة. وكما في كثير من الحالات يختلط على البعض حابل كبار المساهمين المُسيطرين على المصارف بنابل صغار المساهمين المغلوب على أمرهم، والذين يعانون كما صغار المودعين من بطش واستغلال قلّة نافذة في المصارف تضع القوانين وتبقى هي فوقها لتحمي مصالحها.
فكما يتم تحميل صغار المودعين كامل خسائر تدهور قيمة الدولار اللبناني «اللولار»، وهي العملة الجديدة التي ولدت مؤخراً، (أي الدولار المودع في القطاع المصرفي اللبناني وغير القابل للتحويل خارج لبنان)، بينما كبار المودعين وكبار المساهمين وشركائهم من السياسيين يقومون بتحويل ما طاب لهم من الدولار اللبناني إلى الدولار الحقيقي من دون رقيب أو حسيب، يكون صغار المساهمين، والذين يتجاوز عددهم الخمسين ألفاً، أمام هندسة مالية جديدة يفترس من خلالها كبار المساهمين حصة المساهمين الصغار. كل هذا في وقت هرّب كبار المساهمين المسيطرين دولاراتهم من تأميم المصرف المركزي لها عبر تحويلها الى خارج لبنان، بينما أودعوا أكثر من 70% من دولارات مودعيهم في المصرف المركزي.
لن يسمح حكام المصارف بأن يكون حاكم مصرف لبنان المركزي هو المهندس الوحيد للهندسات المالية، فأمعنَ بعضهم في تحويل القرار الوسيط رقم 13129 والهادِف إلى رفع رسملة المصارف إلى صفقة تسمح لهم بشراء حصص «الأقلية نسبةً» و«الأكثرية عدداً» بأبخس الأسعار، فها هي عبقرية بعض المصرفيين اللبنانيين تتجلى مجدداً بأبشع وأخبث أساليب السرقة المقَوننة من دون حسيب أو رقيب.
أصدر حاكم مصرف لبنان القرار الوسيط رقم 13129، والذي يطلب بموجبه من المصارف ما يلي:
1- عدم توزع أنصبة أرباح عن السنة المالية 2019.
2- زيادة الأموال الخاصة الأساسية للمصارف بنسبة 20% من حقوق حملة الأسهم العادية كما هي بتاريخ 31/12/2019 من خلال تقديمات نقدية بالدولار.
وبعد اعتراض أولي من كبار المساهمين المسيطرين في المصارف لم يلق آذاناً صاغية لدى حاكم مصرف لبنان، قرّر حكام بعض المصارف تحويل هذه النقمة إلى نعمة من خلال هندسة مالية ابتكروها تتيح لهم شراء حصص صغار المساهمين الذين لا تسمح لهم ظروفهم المالية بالمساهمة في التقديمات النقدية بأسعار بخسة لا تتعدى في بعض المصارف 15 % من القيمة الدفترية للسهم.
حلقة جديدة من مسلسل النهب المُقونَن سوف تتوالى فصوله خلال الأشهر القليلة القادمة من دون حسيب أو رقيب.