نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها في واشنطن جوليان بورغر، يقول فيه إن الأزمة في إيران قد تمثل فرصة لإدارة الرئيس دونالد ترامب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس الأمريكي رحب باللقطات التي أظهرت طلابا في طهران رفضوا الدوس على العلم الأمريكي، ووصفها بـ"التقدم الكبير"، مع أن الإشارات إلى استعداد إدارته لتقديم دعم غير الدعم اللفظي لمن يصفهم الرئيس ترامب بـ"المحتجين الإيرانيين الرائعين" قليلة.
ويلفت بورغر إلى أنه وسط المشاعر الغاضبة وردود الأفعال السلبية تجاه الإيرانيين على إسقاط الطائرة الأوكرانية، فإن الطلاب في جامعة "شهيد بهشتي" حاولوا بصعوبة تجنب المشي على علمي إسرائيل وأمريكا المرسومين على طريق الجامعة، في لفتة تحد للدعاية الحكومية التي يراها الطلاب أكاذيب.
وتبين الصحيفة أن حالة الغثيان التي اعترت الإيرانيين من حكامهم الذين أسقطوا طائرة وقتلوا 176 راكبا كانوا عليها، ثم حاولوا التستر والكذب عليهم وعلى العالم، قادت إلى أزمة شرعية للحكومة، وأضافت إلى المشكلات الاقتصادية التي قادت إلى تظاهرات انتشرت في أنحاء البلاد كلها منذ تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي.
وينوه التقرير إلى أنه في إشارة إلى تغير المزاج قالت مذيعة رئيسية في التلفزيون الرسمي إنها لن تعود إلى عملها، وكتبت على حسابها في "إنستغرام": "سامحوني على 13 عاما بقيت أنشر فيها الكذب".
ويرى الكاتب أن "الأزمة الحالية في إيران تمثل فرصة لواشنطن، لكن ليس من الواضح إن كانت إدارة ترامب مستعدة للتكيف وتغيير أي من سياساتها المتعلقة بإيران، ففي يوم الاثنين لم يذكر ترامب في تغريداته أن جامعة بهشتي والطلاب الذين يحتفل بهم هما جزء من برنامج العقوبات التي يمارسها على إيران، أو أن الطلاب في الجامعة والسكان العاديين يحظر عليهم الدخول إلى الولايات المتحدة، بموجب المنع الذي أصدره ضد دول ذات غالبية مسلمة، وهو أمر أدى إلى تمزيق العديد من العائلات التي تعيش ما بين أمريكا وإيران".
وتقول الصحيفة إن سياسة "أقصى ضغط" زادت من معاناة الإيرانيين العاديين، فالعقوبات المفتوحة كان من المفترض أن تترك ثغرات ليحصل الناس على الطعام والدواء، إلا أن الإجراءات الثانوية ضد المصارف الإيرانية جعلت من إجراء أي عقود أمرا صعبا، مشيرة إلى أن استراتيجية العقوبات القاسية أسهمت في حالة الحرب الحالية بين أمريكا وإيران.
ويورد التقرير نقلا عن شبكة أنباء "أن بي سي" الأمريكية، قولها يوم الاثنين، إن الرئيس ترامب أعطى موافقة على قتل قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، في حزيران/ يونيو العام الماضي، أي بعد إسقاط الحرس الثوري طائرة أمريكية دون طيار، وجاء هذا بعد رد إيران على العقوبات المشددة باستهداف ناقلات نفط في الخليج.
وينقل بورغر عن شبكة "أن بي سي"، قولها إن الصقور في الإدارة حثوا الرئيس على قتل سليماني، خاصة وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي في حينه جون بولتون، إلا أن ترامب قال إنه سيقتل الجنرال لو قتل الإيرانيون أمريكيين.
وتشير الصحيفة إلى أن إيران تجاوزت الخط الأحمر في كانون الأول/ ديسمبر 2019، عندما قتلت جماعة شيعية متعهدا أمريكيا في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية قرب مدينة كركوك في العراق، لافتة إلى أن هذا الكشف يضعف مبرر الإدارة لاغتيال سليماني، وهو أنه جاء ردا على هجمات وشيكة ضد المصالح الأمريكية.
ويذكر التقرير أن وزير الدفاع مارك إسبر اعترف في نهاية الأسبوع بأنه لم يكن مطلعا على هجمات المعلومات الاستخباراتية، التي يقول ترامب إنه بنى قرار الاغتيال عليها، مشيرا إلى أن المسؤولين حاولوا في الأيام الأخيرة التخفيف من المبرر الرئيسي، وهو هجمات "وشيكة"، فقال مايك بومبيو إن هدف قتل سليماني كان الردع.
ويفيد الكاتب بأن ترامب أكد يوم الاثنين أن قتل سليماني جاء بسبب تهديدات، "لكن هذا لا يهم بسبب ماضيه الرهيب"، وهو ما يثير أسئلة حول قانونية القتل في ظل القانون الدولي، لافتا إلى أن عملية الاغتيال تثير أسئلة حول مساعدته أو عرقلته لخطط وأهداف إدارة ترامب.
وتلفت الصحيفة إلى أن قتل رمز من رموز الثورة الإسلامية أدى إلى تأجيج الحماسة بين الإيرانيين الذين تدفقوا بأعداد جمة إلى الشوارع لإحياء ذكراه، إلا أن إسقاط الطائرة بدد هذه المشاعر كلها، وأثار السخط على الإدارة العقيمة التي يقف على رأسها مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي.
ويورد التقرير نقلا عن معظم المحللين، قولهم إن إيران صمدت أمام الكثير من الضغوط والسخط الشعبي ونجت، وذلك من خلال القمع، إلا أن الكثير من المعلقين يرون أن تداعيات انهيار النظام الحالي ستؤدي إلى حكومة عسكرية يؤدي فيها الحرس الثوري دورا أساسيا.
وينقل بورغر عن الزميلة في معهد القرن في واشنطن، دينا إسفندياري، قولها إن أفضل ما يمكن لأمريكا القيام به هو تخفيف الحصار وحظر السفر، وعدم الوقوف في الطريق.
وتعتقد الصحيفة أن الطرفين الأمريكي والإيراني في حالة ضعف في المنطقة، فقد خسرت إيران المصداقية وخدمات سليماني، الذي كان استثنائيا في مجاله وفي بناء شبكات المليشيات في المنطقة، أما أمريكا فلم يعد مرحب بها في العراق، وهو مكان استراتيجي في مواجهة تنظيم الدولة، وتجاهلت الدعوات المتكررة لمغادرة العراق، وهذا ليس علامة على تأثير دائم في البلد.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه "يمكن للطرفين الاستفادة من تسويات على طاولة المفاوضات، وطالما عبر ترامب عن استعداده للمفاوضات، وأبقى الباب مفتوحا بعد مقتل سليماني، إلا أن العقبات التي يواجهها كل طرف هي سياسية وتتعلق بالحسابات المحلية".