ان اسقاط الطائرة الاوكرانية في سماء طهران كان ضربا من الجنون والذي سيكلف الجمهورية الاسلامية ثمنا باهظاً في صراعها المفتوح مع العالم
ايران التي كانت تزمجر بالوعيد وتمارس التعبئة الدعائية للجميع بانها سترد على الضربة الموجعة التي تلقتها من واشنطن، بزلزلة الارض تحت اقدام العدو الامريكي من خلال ردا قاسياً حاولت ترجمته بصواريخ باليستية ضد القاعدة المشتركة للتحالف في عين الاسد، وفي مناطق الاكراد . لكن الجميع كان يعلم بان مستوى الضربة العسكرية على الحدث السياسي كان مسرحية واضحة وليس بالمستوى المطلوب.
لكن الارتباك الايراني ترجمته الدفاعات الجوية الضعيفة والمرتبكة في اسقاط الطائرة الاوكرانية التي كانت تقلع من مطار الامام الخامنئي في طهران بالوقت التي كانت ايران ترد على القواعد الامريكية تم إسقاط الطائرة بأحد صواريخها الطائرة .
فالهدف الاوكراني قد تم اسقاطه بالصاروخ الايراني نتيجة الخطاء والارتباك البشري والتقني لعدم تحديد نوع الهدف المرصود في الجو ، مما يدل على ان الدفاعات الجوية والرادارات الايرانية هي قديمة وبالية لا يمكن ان تساوي اي شيء في عملية الصراع المفتوح بين ايران و امريكا حيث كانت ايران تعد الجميع بنتائج مفرحة ولكن التصورات الايرانية اسقطتها الدعاية الكبيرة التي تمارسها الجمهورية الاسلامية في حربها غير المتكافئة مع امريكا والتي لا يمكن المقارنة فيما بينهما لجهة القوة والرصد والتكنولوجيا والاتصالات حيث باتت الحروب الحديثة حروب معلوماتية وسيبرانية .
لقد سقطت الطائرة وكانت المفاجئة الكبيرة للدولة الايرانية التي ازاحت الستار عن حربها الدعائية التي مارستها ومقولة تحطيم اسرائيل بدقائق من خلال امتلاكها لسلاح فتاك .
دمرت الطائرة بخطأ ايراني، واضح وحاولت ايران اخفائه والتلاعب عليه وعدم اعطاء المعلومات الكافية للعالم ، فعملية الاسقاط حدثت بالوقت الذي كانت اوكرانيا صاحبة الطائرة مصرة عن كشف اسباب السقوط من خلال تشفير الصندوقين الاسودين التي تمتلكهما الطائرة ومن خلالهما تضع حدا نهائيا لكل التحليلات والتقديرات والاقاويل ، وهذا ما اشار اليه وزير خارجية اوكرانيا في مؤتمره الصحافي بتاريخ العاشر من الشهر الجاري لقد شدد على ان دولته لا تريد الاتهامات قبل تشفير الوثائق السرية في الصناديق .
ايران كانت تحاول فرض امر واقع على العالم بان التحقيق سيعود لها، ولقدراتها الغير موثق بها والتي تمكنها من تفكيك الشيفرة، ولكن ليس قبل عامين و قد اخفت كل حطام الطائرة قبل وصول لجنة التحقيق لكي تربك الموقف الدولي وتحمي نفسها من خلال نقطتين :
1- لا تحاول ابراز دورها العسكري في انها ضربت الطائرة بالخطاء كي لا تكشف الوجه القبيح لدفاعاتها الجوية امام العالم .
2- لا تريد ان يفرض عليها دفع فواتير مالية عالية في هذا الوقت الذي لا تستفيد به ايران لذلك تحاول ان تعمل صفقة لاحقا تستثمرها سياسيا بظل الاوضاع التي تعيشها ايران حاليا .
ومن هنا حاولت ايران المماطلة وتحويل الانظار والمماحكة السياسية والدبلوماسية في قضية اسقاط الطائرة ، لكن التقارير المخابراتية الامريكية والالمانية والفرنسية والبريطانية كانت تزود كييف بها مما دفعتها على تحديد موقفها واقتناعها بسقوط الطائرة بمقذوف حربي.
امريكا كانت ومازالت تحاول استخدام الضغط على ايران في تضييق الخناق عليها من خلال هذه الورقة التي اضيفت الى رصيد امريكا في عملية الضغوط، والتي استبقت التحقيق القانوني لكونها تمتلك معلومات ودلائل وبراهين منذ اللحظة الاولى لسقوط الطائرة .
ولكن المشكلة الاساسية التي تكمن في عملية اسقاط الطائرة تعود الى ان امريكا والعالم لقد امتلكت ورقة ضغط جديدة وقوية ضد النظام الايراني تشبه عمليا قضية الطائرة الليبية لوكربي من القرن العشرين ، فهذه الورقة الجديدة قد تكون لوكربي القرن الواحد وعشرين.
فايران في حالة صدمة كبيرة بعد هذه الضربات المتتالية محاولة الخروج من هذا الارتباك الذي استدعى الجمهورية بالاعتراف بأسقاطها بالخطاء والتي طلبت من قادة الحرس الثوري بإعلان التفاصيل والتعاون مع المجتمع الدولي.
بالطبع لاتزال معركة الطائرة في بدايتها مع الدولة الاوكرانية، وفي كيفية تجاوبها مع المطالب الاوكرانية والدولية لكشف الملابسات التي ادت الى وقوع الحادثة وتحميل ايران مسؤوليتها القانونية والاخلاقية امام المجتمع الدولي ومشغل الطائرة الدولة الاوكرانية ودفع التعويضات ومحاسبة المسؤولين عن الحادثة .
فالأيام القادمة هي التي ستجيب عن كل هذه الاسئلة المهمة في كيفية تعامل ايران مع ذلك سيكون الرد الاوكراني الدبلوماسي والقانوني، بالإضافة الى الدول المعنية بالحادثة من قريب وبعيد ، اضافة الى شركة الطائرة المصنع والتي يسمح للولايات المتحدة باستخدام هذه الورقة لمصلحتها السياسية في عملية الضغط على ايران وخاصة بان ايران والدول التي فقدت ضحايا في الحادثة .
هنا لابد من القول بان امريكا ستكون عامل اساسي في المجتمع الدولي للضغط على ايران لتتحمل مسؤوليتها الدولية ، والتي تؤكد بانها لن تترك حلفاءها في مواجهة مصيرهم لوحدهم وخاصة بان اوكرانيا دولة باتت في تعهد الولايات المتحدة .
هذا الشيء يعزز مستقبل المواجهه القانونية والدبلوماسية مع ايران من قبل اوكرانيا لجهة تعامل الاخيرة مع هذا الحدث الدولي التي تعرضت له الطائرة ، حتى لوكان ركابها من اصول ايرانية لكنهم من الذين باتوا مواطنون لدول اخرى يحملون جنسياتها .
خالد العزي
كاتب صحافي لبناني ...