العميد اسماعيل قاآني، والذي من الواضح أن علاقته مع الحزب لن ترتقي إلى مرحلة العلاقة مع سلفه.
من نافلة القول أن اللواء قاسم سليماني كان هو "الولي الفقيه" المباشر لحزب الله، وحلقة الربط بينه وبين الولي الفقيه السيد الخامنئي بحسب السلسلة التنظيمية والهيكلية التي يقوم عليها بنيان النظام الايراني بالخارج.
والجدير بذكره هنا، أن "حلقة" سليماني، وارتباطه بالحزب وبقيادة الحزب لم تكن قائمة فقط على الدور التنظيمي الكلاسيكي، وانما نشأت بينهما علاقة عميقة جدا، فيها الكثير من المشتركات الكبرى بدءً من العاطفة الاخوية المتجذرة لعشرات السنين، بالاضافة إلى الانسجام الكلي في الرؤى وطريقة التفكير بإدارة الامور وتشخيص المصلحة والدور المطلوب، وهذا ما حاول أمين عام حزب الله صادقا الاشارة إليه بالأمس، في كلمته بذكرى مرور أسبوع على الاغتيال.
ويؤكد عارفون بطبيعة العلاقة التي كانت تجمع بين سليماني وقيادة حزب الله، صحة كل ما قاله السيد حسن عن عدم وجود إسقاطات أوامرية تصدر من الاول للثاني، وهذا مرده ليس لتخلي الاول عن مهامه التنظيمية والادارية، بل بسبب حالة التكامل العضوي بين الاثنين بحيث صار الحزب بمطرح يمكنه منفردا تحديد وظيفته المطلوبة منه ولعب دوره على أكمل وجه من دون الحاجة للاوامر المباشرة.
وبذلك اختصرت وظيفة سليماني في تأمين كل المتطلبات والدعم المفتوح ماليا ولوجيستيا وعسكريا وبدون الحاجة حتى الى النقاش أو التبرير، وهذا ما كان ألمح له السيد ايضا بعد حرب 2006 والاموال الطائلة المطلوبة حينها،
وهنا تحديدا تكمن الخسارة الكبرى عند حزب الله، بحيث أنه ومهما كان البديل عن سليماني والمقصود هنا العميد اسماعيل قاآني، والذي من الواضح أن علاقته مع الحزب لن ترتقي إلى مرحلة العلاقة مع سلفه، وكان لافتا في هذا السياق عدم ذكره إطلاقا بكلمة السيد الاخيرة، مما يوحي أن حالة من الفتور والضبابية تلف العلاقة بينهما.
قد يقول قائل هنا، بأن العلاقة المباشرة بين السيد حسن والمرشد هي كفيلة ببقاء حجم الاسناد والدعم المالي الذي كان يوفره سليماني بدون أي ضرر، وإن كان هذا صحيحا في المدى المنظور إلا أن هذا لا يعني أن بصمة العميد اسماعيل لا بد أن نتلمسها في القادم من الايام بالخصوص مع اشتداد الازمة المالية الصعبة التي تمر بها ايران.
فحزب الله الآن يحتاج الى كثير جهد لم يكن يحتاجه من قبل، لإقناع القيادة الجديدة بأهمية دوره وحاجة النظام الإيراني إليه في المرحلة القادمة، ومن هنا يمكن أن نفهم قلق السيد حسن وإصراره على تقديم نفسه كشريك أساسي في المعركة القادمة للنظام الايراني ضد الاميركي ووجوده في غرب آسيا، متناسيا في هذه اللحظة الحرجة جدا على لبنان، ومتخطيا كل ما يمر به البلد من أزمة وجودية تطال حتى البيئة الحاضنة للحزب، فلم يأتي على ذكر أزمات الناس في لبنان ولا على حجم المصيبة التي نمر بها ولو بكلمة واحدة، ومرد كل هذا التغاضي برأيي هو أن الحزب الآن مشغول بإنقاذ نفسه وموازنته ودعمه، وهذه هي أولوياته الملحة الآن، فهو يدرك تماما أن حزب الله وموازنته المفتوحة قبل سليماني هي على الأكيد ليست كما بعده .