بقراءة متانية للضربات الاسرائيلية على سوريا خلال الايام الاخيرة ، والتي تتوافق معظم المصادر على انها بتنسيق تام مع واشنطن ، يتبين لنا كمتابعين كم هي مأساتنا عميقة نحن العرب ( مواطنون وليس أنظمة بالطبع ) ، كوننا ابتلينا بهذا السرطان القاتل ، بهذه اللوثة المميتة التي زرعت في قلب وطننا العربي كي تجعلنا نتناحر ونتقاتل ونفتك ببعضنا بعضا ... فبمعزل عن احقية المنطلقات التي دفعت بالثورة السورية الى التفجر ، وبمعزل عن مشروعية الحقوق والمطالب لهذا الشعب - كغيره من الشعوب العربية - الذي خرج بالبداية الى الشارع مطالبا بأبسط متطلبات الحياة والوجود ...الا ان العدو الاسرائيلي .. هذه صنعته وهذا دوره.. وهذا هدف وجوده ... التفريق والتمزيق وزرع الشقاق والفتن ...
مناسبة هذا الكلام ، ان خبراء في الشؤون الاستراتيجية لاحظوا وفق ما نقلت عنهم صحيفة  ًالرأي ً الكويتية ، ان ضرب اسرائيل لمراكز المدفعية التابعة للنظام السوري لا يعدو كونه محاولة لحفظ التوازن بين نظام الاسد ومعارضيه ، وان اسرائيل لو أرادت الإخلال بالتوازن لمصلحة المعارضة وضمان تفوقها لكانت قامت بتدمير أسطول الطيران الحربي السوري ، ولفت هؤلاء الخبراء الى ان تدمير اسرائيل لمراكز مدفعية تابعة للفرقة الرابعة والحرس الجمهوري قد يؤدي الى فرملة الانجازات التي يحققها جيش النظام في غير مكان ، لكنه لن يسهل في نفس الوقت على المعارضة دخول دمشق والسيطرة عليها ، لان اقصر الطرق الى هذا الامر هو تدمير سلاح الجو السوري وشل حركته ... 
ويتزامن هذا الرأي مع كلام لمصدر في حزب الله يرجحه ، حيث ينفي ان تكون اي شحنات او أسلحة متطورة تابعة للحزب قد تعرضت للقصف الاسرائيلي ، مشيرا الى ان الاستهداف كان  لاماكن المدفعية المساندة لتقدم الجيش السوري في داريا والغوطتين الشرقية الغربية ، معتبرا ان ثمة تنسيقاعربيا اسرائيليا أميركيا لهذا التدخل على خط المعارك في سوريا ، كما ان طهران من جهتها نفت ان تكون الغارات الاسرائيلية استهدفت اسلحة إيرانية ...
والسؤال هنا .. هل ستكتفي اسرائيل بإقامة التوازن بين النظام والمعارضة والتلذذ بمتعة تقاتلهما
ام هناك جولات اخرى من الغارات الاسرائيلية في المقبل من الايام ، تخسف التوازن لصالح احد الطرفين ؟؟ صحيفة الواشنطن بوست الاميركية نقلت عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى ترجيحهم ان تسرع هذه الغارات فضلا عن التهديد السوري بالرد ، من اتخاذ القرار الأميركي 
بتدخل واشنطن في الأزمة السورية . 
وفي المقابل يبرز كلام الرئيس السوري بشار الاسد الذي كشفت مصادر قريبة منه انه ابلغ الروس انه يريد جوابا في خلال ٢٤ ساعة على رسالة بعث بها للأميركيين عبر موسكو وفحواها انه في حال عاودت اسرائيل عدوانها على سوريا ، فسيكون الامر بمثابة اعلان حرب وتاليا لن يكون هناك إنذار او دراسة لرد الفعل .. وحسب المصادر عينها فان الأوامر أعطيت لنشر بطاريات 
روسية حديثة جو ارض وارض ارض ، وان ردها سيكون فوريا ومن دون العودة الى القيادة .
موقف الاسد هذا يطرح علامات استفهام كثيرة حول خلفية الموقفين الروسي والإيراني ، وما اذا كانا فعلا على استعداد للرد على اسرائيل ، وفتح مواجهة إقليمية .. وحده الله يعلم المدى الزمني لها .. وبالتالي ماهي نسبة ًالمونة ً الروسية على اسرائيل لوقف اندفاعاتها المتهورة في المنطقة 
والتي تجلت في الاتصال الذي جرى بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، في الوقت الذي حذر وزير خارجية الاخير في اتصال مع نظيره السوري وليد المعلم من تزايد فرص اندلاع تطورات لايمكن السيطرة عليها في المنطقة . 
ووسط كل ذلك .. وفيما يستمر الطيران الحربي الاسرائيلي بالتحليق وبكثافة مستبيحاً الأجواء 
اللبنانية من كل الجهات ، تراوح الامم المتحدة كمؤسسة رسمية دولية في موقف المتفرج ، ويكتفي 
الأمين العام بان كي مون بالإعراب عن القلق الشديد ، داعيا كل الأطراف الى تفادي التصعيد ، 
والتحلي بأقصى درجات الهدوء وضبط النفس . اما الموقف الاوروبي ، فلم نسمع منه سوى ما جاء على لسان وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس الذي جدد الدعوة الى حل سياسي للنزاع في 
سوريا ، مكتفيا بدوره بتوصيف الوضع بالمأساة الإقليمية الحقيقية ، التي ستطاول الدول العربية المجاورة كالاردن ولبنان