اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي ان المشكلة تَكبُر إذا كان المسؤول صاحبَ سلطةٍ في الكنيسة والدَّولة. نحن نعتقد أنَّ الأزمات السّياسيَّة والاقتصاديَّة والماليَّة عندنا وما يتفرَّع عنها هي نتيجة هذه الخطايا الثَّلاث. بشهوة العين كان نهب المال العامّ بشتَّى الطُّرُق، والتَّمسُّك بهذه الوزارة وتلك، وبهذا الشَّخص وذاك، والاحتفاظ المستميت بالسّلطة ورفض تداولها. بشهوة الجسد فُقدت القاعدة الأخلاقيَّة بين ما هو صالح وما هو عاطل. فكان التَّفلُّت حتَّى من نداء الضَّمير الذي هو صوت الله في أعماق الإنسان، ومن الكرامة والشّعور بالحياء. بكبرياء الحياة كان التصرّف بإقصاء الغير والتفرّد بالسّلطة، واحتقار الآخرين وإمكانيَّاتهم، واحتكار المعرفة والفهم والرأي. وإلاَّ كيف نفهم أنَّ حكومة تصريف الأعمال المسؤولة حاليًّا، لا تُمارس مسؤوليَّاتها وتترك سفينة الوطن عرضةً للأمواج العاتية والرّياح العاصفة ومن دون ربَّان؟ وكيف نفهم أنَّ الذين أتوا بالرَّئيس المكلَّف لا يُسهِّلون مساعيه الحثيثة إلى تشكيل حكومة من أجل نجاة سفينة الوطن؟
وسال الراعي في عظة قداس الاحد، "هل تُدرك حكومة تصريف الأعمال، التي تُهمِل واجبها، وهل يُدرك معرقِلو تشكيل الحكومة الجديدة وولادتها، وهل تُدرِك القوى السّياسيَّة والأحزاب والكتل النِّيابيَّة المتباعدة والمعطِّلة لأيِّ حوارٍ مسؤول، حجمَ الخسارة الماليَّة والاقتصادية والتجارية والمعنويَّة التي يتكبَّدها لبنان شعبًا وكيانًا ومؤسَّسات؟ أهكذا تُمارَس السِّياسة كفنٍّ شريفٍ لخدمة الخير العام عندنا؟ هل تعطيل شؤون الدَّولة والشَّعب أضحى وسيلةً للكيديَّة السِّياسيَّة؟ منذ ثلاثة أشهر وانتفاضة الشَّباب اللُّبنانيّ تُخاطب ضمائر المسؤولين. فنأمل أن يُصغوا إليهم قبل ان تتحوَّل إنتفاضتهم إلى ثورةٍ هدَّامة، فلا بدَّ من مصارحةٍ ومصالحةٍ عامَّةٍ لإستعادة الوحدة الوطنيَّة بكلّ مكوّنات المجتمع اللُّبنانيّ، بحيث لا يشعر أحدٌ أنَّه مقصًى".