لم يعد خافيا على أحد خلفيّات تسمية حسان دياب رئيسا للحكومة، وكيفيّة اختياره لهذه المهمّة والهدف منه.
كما انّه من الواضح أنّ الانتفاضة الشعبيّة التي تجاوزت الطائفيّة وخرجت بصرخة واحدة تطالب بإسقاط منظومة الفساد السلطويّة، زعزعت أركان السلطة الأمر الذي دفعهم للتفكير في اخماد الثورة المطلبيّة، وذلك من خلال الرجوع خطوة إلى الخلف، تمثّلت في القبول بخروج كلّ الوزراء السابقين من الحكومة وتكليف شخصيّة أكاديمية ومتخصّصة تكلف بتشكيل حكومة تنطبق عليها هذه الأوصاف.
أربكت هذه الخطوة ساحات الاعتصام وتمثّلت بانقسام الشارع بين داعم لإعطاء الرئيس المكلّف فرصة لتشكيل الحكومة الجديدة باعتباره يستجيب لمطالب الانتفاضة وبين من اعتبروا دياب مجرّد دمية للتكليف والتأليف.
اليوم وبعد 15 يوما وأكثر يبدو أن من انتدبه لهذه المهمّة عاد لينقلب عليه خصوصًا بعدما تحسّس فتور الشارع المنتفض ما قرأه انّه عونًا له على العودة إلى الصيغة الماضية، فما تناهى لأسماع المنتظرين ولادة الحكومة انّها تترنّح بين تشبث باسيل بثلث المقاعد الوزارية وجلّهم من المسيحيين المحسوبين عليه ولو بالخفاء، وبين عودة الرئيس بري إلى لمّ الشمل وما يطلق عليه حكومة الوحدة الوطنية، ما دفع الرئيس بري بإرسال رسالة واضحة الى الرئيس المكلف بأنه لا يمكنه الخروج من الصيغة المألوفة لديهم أي صيغة اقتسام المغانم وتوزيع الحصص وأن حكومة مصغرّة لا تفي بالغرض، حيث أن كثيرين ينتظرون على باب الرئيس بري للتوزير وهو بحاجة إلى المزيد من المحاباة من الشرائح كونها تعرّضت للاهتزاز بفعل ثورة 17 تشرين.
وفي ظلّ صمت حزب الله وغموض موقفه يقف الرئيس دياب حائرا في ظلّ ما ترغبه الثنائيّة الشيعيّة به، خصوصًا انّ مقتل قاسم سليماني قد يكون وراء تغيير معادلة حكومة تكنوقراط، بأخرى سياسية للمواجهة مع أنّ اللافت أنّ حزب الله لا زال في طور قراءة المشهد الايراني واتجاهات السير فيه.
هل سيكون ذلك بالتهدئة التي ظهرت مع الرد الصاروخي الايراني المبرمج او بالذهاب بعيدا في التصعيد؟
الأقرب أن أركان السلطة يودون إعادة الصيغة الانسب لهم بالتقاسم والتحاصص وهم يريدون الاستفادة من حادثة سليماني للانقلاب على ما كان قد تم التوافق عليه مع الرئيس المكلف في تأليف حكومة تكنوقراط.