قارب الأسبوع على نهايته ولمّا تتبدّى بعد ملامح التشكيلة الحكومية رغم المواعيد المتكررة التي ضربت على مدى الأسابيع المنصرمة لولادتها. وبين لحظة وأخرى، انقلب المشهد على وقع تسريبات عن تغيّر ما في المشهد الحكومي، وتلا ذلك مواقف واضحة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري التي نقلها عنه النواب بعد لقاء الاربعاء، حيث دعا الى تشكيل حكومة لم شمل في مثل هذه الظروف، كما دعا حكومة تصريف الأعمال للعودة الى الانعقاد، ما أشار بشكل لا يقبل الشك الى أن الأمور تشهد إعادة خلط أوراق، قد لا تعني بالضرورة العودة إلى المربع الأول لكنها تدل على متغيرات جدية حكومياً.
يتفق الجميع على ان التطورات الاقليمية الاخيرة، جراء اغتيال الولايات المتحدة، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، ومن معه، هي تطورات بالغة الخطورة والغموض، في مناخات دولية ملبدة بالتشكيك والاتهامات المتبادلة والمصالح المتباينة.
الاضواء بكاملها تسلط بكاملها على هذا المشهد المشار اليه، وقد غابت بعض مقدمات وأسباب رئيسية لا بد من تداولها، والاضاءة عليها، قبل ان يتحول الصراع الكلامي، الى جدل بيزنطي، ومن ثمه مواجهات عسكرية مفتوحة على العديد من الاحتمالات.
في هذا السياق، أوضحت أوساط كتلة التنمية والتحرير أن حكومة لم الشمل كانت مطلب الرئيس بري والكتلة منذ اليوم الأول للاستشارات النيابية مع الرئيس المكلّف حسان دياب، وقد كان موقف الكتلة واضحا بالمطالبة بحكومة طوارئ جامعة؛ وبالدعوة لضرورة التواصل مع جميع القوى السياسية حتى تلك التي لم تسمّ الرئيس دياب.
إلا أن أوساط الكتلة أكدت أن المطالبة بتشكيل حكومة لمّ الشمل لا تعني أبداً التخلي عن الرئيس المكلف أو دفعه الى الاعتذار، الا اذا هو كان يرغب بذلك ولا يريد ترؤس حكومة تكنوسياسية. ولفتت الأوساط الى أنه بعد التطورات الاخيرة التي شهدتها المنطقة إثر اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ورد طهران بقصف قاعدة أميركية في العراق بات لزاماً علينا في لبنان أن يكون هناك مرونة من الجميع؛ والأخذ بعين الاعتبار الواقع والمستجدات؛ والعمل على تدوير الزوايا، وهو الأمر الذي لطالما كان يحصل في لبنان في المراحل السياسية الدقيقة والمماثلة للمرحلة التي يمر بها البلد اليوم.
اقرا ايضا : لبنان على مفترق طرق
بناء عليه، أوضحت أوساط التنمية والتحرير أن رسالة بري للرئيس المكلّف هي لتليين الموقف والذهاب الى حكومة تكنوسياسية مع التسريع بتشكيلها.
وفي الإطار نفسه، أكدت مصادر الثنائي الشيعي ان لا تباعد بين موقف كتلة التنمية والتحرير وحزب الله بخصوص حكومة تكنوسياسية، وأن هناك تفاهماً حول هذا الأمر. وعن عدم تسليم دياب أسماء وزراء الثنائي الشيعي، اعتبرت المصادر ان هذا الأمر طبيعي؛ لأن مشاورات تشكيل الحكومة لم تصل بعد الى مرحلة تسليم الاسماء؛ والبحث كان متوقفا عند توزيع الحقائب؛ وأنه من المعروف عن الرئيس بري انه لا يسلّم الاسماء قبل اللحظة الاخيرة، مجددة التأكيد ان الوقت ليس الآن لتقاذف التهم والسجالات رغم ان البعض للأسف لا يشعر ان هناك ازمة في البلاد وقد تؤدي الى الانهيار.
هذا في وقت يمضي لبنان في سياسة إضاعة الوقت على خط تشكيل الحكومة العتيدة. واللبنانيون، عموم اللبنانيين يتساءلون، الى متى سيبقى هذا المشهد السياسي في لبنان على هذا المستوى؟! وقد ضاق اللبنانيون ذرعاً بهذا المشهد الذي يتكرر منذ عشرات السنين، وقد دفع اللبنانيون أثماناً باهظة من أرزاقهم وأملاكهم وجنى اعمارهم وشبابهم وشاباتهم حيث تعاقبت عليهم حروب الآخرين على أرضنا.
المساعي لولادة حكومة جديدة، متعثرة، وما ان تخرج من عقدة، حتى تعود وتقع في عقد أخرى.
وآخرها ما صدر قبل ايام، عن قوى سياسية مطالبة بحكومة تضم القوى السياسية والاحزاب، خلاف ما كان يتطلع اليه رئيس الحكومة المكلف حسان دياب، لجهة تأليف حكومة اختصاصيين لا حزبيين.
وأمام هذا المستجد، أشارت مصادر مطلّعة على موقف الرئيس المكلف الى انه أمام مرحلة إعادة تقييم لكل ما حصل معه ولمجمل الاتصالات والمشاورات التي قام بها خلال فترة تكليفه، على أن يحسم خياراته بين اتجاهين خلال اليومين المقبلين، لناحية إما المضي بالحكومة مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الحاصلة على مستوى بعض العراقيل التي واجهته كما على مستوى التطورات الإقليمية والمواقف المحلية والخارجية المستجدة، أو الاعتذار.