توجه الاتحاد العمالي العام في بيان "من عمال لبنان وأبنائه كافة، بالأمل والرجاء في استقبال سنة جديدة تغسل فيها مآسي وويلات العام الذي انقضى وآثاره المدمرة والتي انكشف فيها الاقتصاد اللبناني ومنظومته المالية والنقدية والمصرفية، وخصوصا منها منظومته السياسة بشكل غير مسبوق".
اضاف:"وبينما تجتاح البطالة والصرف من العمل وتقليص الرواتب والأجور مئات آلاف جديدة من العمال والموظفين وأصحاب الدخل المحدود ومتوسطي الحال، ويتم إذلال المواطنين أمام أبواب المصارف لنيل رواتبهم القليلة أو مدخراتهم الزهيدة التي يعتمدون عليها في حفظ ما تبقى لديهم من كرامة، يجري الحديث عن تهريب أموال بمليارات الدولارات لكبار الأثرياء الى البلدان والمصارف الأجنبية".
واردف:"لقد حذر الاتحاد العمالي العام طيلة العام الماضي وقبله في جميع أدبياته ومواقفه وتصريحاته من مغبة الاستمرار في هذا النهج الاقتصادي والمالي القائم على الريوع المالية والعقارية وعلى تحكم المافيات في قطاعات استراتيجية حيوية كالمحروقات والدواء والقمح وترك الوكالات الحصرية تعمل على فرض الأسعار للسلع الاستهلاكية الأساسية والتي أكد الاتحاد أن ذلك لن ينتج عنه سوى فوضى عارمة في جميع القطاعات وأنحاء البلاد فإن معظم السلطات السياسية أدارت أذنها الطرشاء لهذه التحذيرات كما لتنبيهات الخبراء الاقتصاديين من مختلف المشارب".
وتابع:"لقد لفتنا في أكثر من بيان الى أن النظام السياسي القائم على المحاصصة المذهبية والطائفية وعلى قوانين انتخابات نيابية غب الطلب إنما هو نظام مولد للأزمات، بل للحروب الدورية وأنه نظام لا يفيد سوى في تقسيم خيرات البلاد بين أركان السلطة الذين يملكون 99% من معظم الثروة الوطنية وأكدنا على ضرورة وأهمية الانتقال الى نظام انتخابات نيابية يقوم على قاعدة المواطنة الكاملة والدائرة الوطنية الواحدة في كل لبنان على أساس النسبية وخارج القيد الطائفي مع الاحتفاظ بالميثاقية لجهة المناصفة في عدد النواب فقط بين المسلمين والمسيحيين".
واردف:"مع كل ذلك نرى اليوم ونحن عشية تشكيل الحكومة العتيدة أن أهل السلطة يتنكرون لوجهة نظرنا وللانتفاضة العارمة التي قامت منذ السابع عشر من تشرين الأول 2017 ويحاولون إعادة إنتاج سلطتهم على القواعد نفسها ويختلفون على حصص هذه الطائفة أو تلك وهذا الحزب أو ذاك وهذه الوزارة الدسمة والأخرى".
واعتبر الاتحاد وبمناسبة العمل على تشكيل حكومة جديدة "أن الاستمرار في هذا النهج القاتل سوف يفاقم من حدة الأزمة وسيؤدي بالبلاد الى انفجار لم يسبق له مثيل فالفقر والجوع والبطالة وتسعير النعرات الطائفية والمذهبية هي أقرب السبل الى الحروب الأهلية والفوضى العارمة. وانطلاقا من ذلك، فإن الاتحاد العمالي العام يؤكد على شرط تشكيل حكومة إنقاذ وطني بصرف النظر عن لونها وحجمها وطبيعتها تعمل وبسرعة وقبل فوات الأوان الذي نعتقد أنه قد بدا لمعالجة الأزمة الاقتصادية أولا والمالية والنقدية ثانيا، وعلى أصحاب المال والسلطة الذين وضعوا البلاد في هذا المأزق الخطير وحدهم تقع المسؤولية على انتشالها منه فانهيار الهيكل لن يقع على العمال والمفقرين وحدهم إنما على الجميع".
وقال الاتحاد "إننا كعمال إذ نرى في بعض التدابير التي اتخذها وزير العمل كميل أبو سليمان مفيدة في عملية تنظيم "صرف العمال" فإننا نؤكد أنها لن تمنع الصرف بل يجب على وزير العمل الجديد اتخاذ اجراءات أكثر جذرية سواء بتعديل قانون العمل لجهة الصرف التعسفي أو اللجوء الى اتخاذ قرارات بإنشاء معامل ومصانع تشاركية وتعاونية بين العمال وأصحاب العمل أو بين العمال أنفسهم فضلا عن التشدد في القبول بالصرف الفردي أو الجماعي والتدقيق في كل حالة وفسح المجال لثلاثة أشهر بدلا من شهر واحد للتقدم بالدعوى أمام مجالس العمل التحكيمية وسوى ذلك من الإجراءات".
ورأى "أن على الحكومة العتيدة أن تباشر فورا ومن دون إبطاء للعمل الى الانتقال من الاقتصاد الريعي والعقاري الى دعم قطاعات الإنتاج الحقيقية من صناعة وزراعة والقطاع المعرفي الرقمي، والقيام بشطب قسم كبير من الديون المتوجبة على الدولة للمصارف المحلية والأجنبية لأنها استفادت من نسب عالية وغير مسبوقة من الفوائد الخيالية ووقف الاستدانة واللجوء الى إعادة النظر الجذرية بالسياسات الضريبية القائمة والمنحازة لكبار الأثرياء على حساب أكثرية المواطنين".
ولفت في هذه المناسبة "إن على الحكومة الجديدة أن تضم في عدادها ممثلين عن العمال وذوي الدخل المحدود، لا الاقتصار على تمثيل كبار أصحاب الرساميل وأصحاب العمل أيا كانت صفاتهم ومواقعهم السياسية".
وختم الاتحاد العمالي العام مجددا ثقته "بأن عمال لبنان وكادحيه لن يقبلوا بأقل من هذه الاجراءات ولن يعطوا أية ثقة لأي حكومة من دونها"، متمنيا "لعمال لبنان واللبنانيين جميعا سنة نضال واعدة بالسلام والخير والنهوض الاقتصادي".