الأصل الثالث من أصول أهل الإعتزال( إحدى أهم الفِرق الكلامية في الإسلام المُبكّر) الخمسة هو : الوعد والوعيد، وخلاصة هذا الإعتقاد أنّ الله تعالى لا بدّ أن يُنجز وعدهُ ووعيده يوم القيامة، فيُثيب الطّائع ويُعاقب العاصي.
في خِضم محنة اللبنانيين هذه الأيام، لا يخرج علينا رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد إلاّ بالوعيد، ذلك أنّه لم يتبقَ في هذا الوطن المنكوب فُسحة للوعود الخلاّبة، وباتت المصائب تُحيط بنا من كلّ جانب، ووعيد رعد لا يختلف كثيراً عن وعيد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي ينتمي له الحاج محمد رعد، فقد سبق للسّيد نصرالله أن قدّم لوعيده بالنصيحة، عندما نصح المتظاهرين "الثوار" بلا جدوى انتفاضتهم التي انطلقت في السابع عشر من تشرين الأول الفائت، وأتبعها بوعيده بأنّه يرجو الله أن لا يضطر مع حزبه للخروج إلى الشارع واستعراض القوة بوجههم، أمّا الحاج رعد فيذهب مباشرةً للوعيد، على المواطنين الطاعة والإذعان، وإلاّ فإنّ جدار "الحكم" آيلٌ للسقوط، وإذا سقطَ، وهذا مُتوقّع، ولم تعد تنفع معه الأدعية والتعاويذ، فإنّ الفوضى هي التي ستحُلّ وتعُمّ، وفي ظلّ الفوضى والإضطرابات: الأقوياء هم الذين يسودون، أمّا من هو القوي؟ فهو بلا ريب من يمتلك مُقومات القوة، من رفع الصوت في وجه الانتفاضة الشعبية اللبنانية منذ انطلاقتها حتى اليوم، ومن يمتلك السلاح، والقوة المّسلّحة المُنظّمة عدداً وعُدّة، تحت مُسمّى "المقاومة"، وفي منطق الحاج رعد( بعد الأخذ بجدّية تهديده ووعيده) لا يبقى أمام المواطنين سوى الرضوخ والانصياع، ومن جديد، يضع حزب الله "المقاومة" في وجه "الإنتفاضة"، والله وحده يعلم اليوم نقاط الضعف والقوة عند كلٍ منهما، ويبقى الحال كما قال الشاعر:
وقد يجزعُ المرءُ الجليدُ ويبتلي
عزيمة رأي المرء نائبةُ الدّهرِ
تُعاودُهُ الأيامُ فيما ينوبُهُ
فيقوى على أمرٍ ويضعُفُ عن أمرِ.