طلبت حكومة الوفاق الليبية من الدولة التركية التدخل في الحرب لصالح الحكومة ولمواجهة خليفة خفتر قائد الجيش المدعوم من الدولة المصرية يُدرس في المجلس النيابي التركي كي ينال موافقة التدخل في بلد لم يبق أحد إلاّ وتدخل في مجرى حروبه التي تستنزف موارد الشعب الليبي لصالح ليبيين غير مقتنعين بضرورة الحلّ لصالح سلطة تتسع للجميع بإعتماد مبدأ تداول السلطة للخروج من أزمة حرب ستبقى مفتوحة لهدم ما تبقى في ليبيا من حياة .
دخول تركيا المباشر على خط الحرب الليبية أثار ردود فعل عربية وإقليمية أبرزها الرد المهدّد المصري والروسي لأي تدخل عسكري تركي وهذا ما أضاف عنصراً جديداً للخلافات التركية – المصرية وهذا ما سوف ينعكس على العلاقات التركية – العربية وهذا ما ستستفيد منه إيران التي ستعزّز علاقتها أكثر مع تركيا وهذا ما سيضع حسابات وحروب المنطقة وفق مصالح الدولتين التركية والإيرانية بإعتبارهما الأكثر نفوذاً وقوّة في الشرق الأوسط .
كما أن موقف روسيا المنحاز للموقف المصري في ليبيا سيعيد خلط الأوراق التركية – الروسية خاصة وأن التفاهمات الروسية – التركية في سورية قد بددتها الحروب على إدلب وسعي الروس لإنهاء محافظة إدلب تجاوزاً لإتفاق خفض التصعيد فيها ودفع موجات بشرية سورية جديدة نحو الحضن التركي .
اقرا ايضا : بوتين يصلب المسيح السوري على خشب الشعب
يبدو أن تقاطع الرؤية المصرية – الروسية في ليبيا سيدفع نحو المزيد من الحرب على العاصمة كي يدخلها الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر حيث تتجلى مصالح السيسي وبوتين في إعتماد العسكر لحكم ليبيا وضرب أيّ مسعى سياسي لحلّ يضع ليبيا خارج حكم العسكر بمعنى أن مصر تحافظ على الدول العربية التي حكمها العسكر وهذا ما يبرر وجود مصر كدولة محكومة من قبل جيش لا يسمح بمدنية الدولة لهذا كان موقف مصر منحازاً دائماً للنظام السوري ومؤيداً لبقاء السلطة السودانية في يد الجيش وحاضراً بقوّة إلى جانب الجيش الليبي لإستلام الحكم بدخول حفتر إلى العاصمة و إنهاء وضع حكومة الوفاق التي تعتمد على فصائل مسلحة من بينها جماعة الإخوان المسلمين عدوة مصر السيسي وحليفة الخليفة رجب طيب أردوغان .
كما مصر المصابة بداء العسكر تسعى روسيا دائماً إلى نصرة العسكريتارية في السلطويات لتبرير طبيعة نظامها السياسي خاصة وأن النُظُم الديمقراطية هي الأكثر حضوراً وإنتشاراً في العالم وهي مشاريع الشعوب المناضلة لأجل الوصول إلى النظام الديمقراطي بحيث لم يعد هناك من يناضل من أجل الدولة المستبدة وخاصة في نسختها العسكرية لذا تعتمد الدول المحكومة من الجيوش والأجهزة الأمنية على دعم بعضها البعض لمواجهة تحديات الديمقراطية وهذا واضح في وقوف الدول العسكرية برعاية روسية خاصة لحماية بعضها البعض ويبدو النموذج السوري واضحاً وجلياً اذ هبّت إيران و روسيا إلى منع سقوط النظام العسكري ورفضهم لأي حلّ سياسي يتبنى الدولة المدنية كما أن مواقف الجزائر ومصر واضحة في تأييد حكم العسكر في سورية وهذا أيضاً ما ينطبق على السودان حيث سعت هذه الدول المذكورة إلى منع مدنية الدولة السودانية وها هي اليوم تحتشد في ليبيا لدعم مستقبل عسكرة الدولة الليبية بعد أن ساهموا في بقاء سلطة العسكر في الجزائر .
إذا ما دخل الجيش التركي ليبيا فثمّة أزمة مفتوحة على حسابات جديدة للمنطقة وعلى حقلي النفط والنظام في ليبيا وهذا ما سيضاعف من التوترات الحاصلة وما سيضيق من إحتمالات الإنفراج على جبهات اليمن وسورية وليبيا وعلى أزمتي لبنان والعراق .