احتفل اللبنانيون بعيد الميلاد المجيد، وبالرغم من كل المعاناة والألم زيّن اللبنانيون ساحاتهم ومنازلهم في صورة تتناسب ورسالة المسيح عيسى بن مريم رسالة المحبة والسلام، وقد حملت هذه الصورة الكثير من الأمل والتحدي ليكون لبناننا أجمل رغم الألم الحزن الذي نعيشه جميعا على وطننا لبنان.
وبعد أيام قليلة يودع لبنان واللبنانيون عامهم 2019 هذا العام الذي سيطبع ذاكرتهم بأشيائه البشعة والجميلة، والحزينة والسعيدة، والحلوة والمرة، وبالرغم من كل ذلك استطاع اللبنانيين أن يستمروا بالحلم وأن يعيشوا الأمل مع الألم ليولد وطنهم الجديد.
إقرأ ايضاً : مفتي الجمهورية أم مفتي آل الحريري!؟
عاش لبنان هذا العام أبشع صورة في تاريخه بعدما انهكه السياسيون بفسادهم وسرقاتهم ومحاصصاتهم، وبعدما جعلته الاحزاب رهينة الأهواء السياسية والطائفية فذهب البلد كله إلى الإنهيار في أسواء مشهد عرفه لبنان في تاريخه.
لم يشفع لهذا البلد "العهد القوى" الذي كان ضعيفا جدا في مواجهة الأزمات، ولم تشفع لهذا البلد كل الانتصارات والشعارات في المقاومة والممانعة فذهب البلد إلى مزيد من الإنهيار على كل صعيد، وسقط اللبنانيون ضحايا الابتزاز السياسي والطائفي والحزبي.
استفاق اللبنانيون على حجم الأزمة وعمق المأساة وخرج الشعب اللبناني كله، فكانت العلامة المضيئة في تاريخ لبنان ولادة الإنتفاضة المجيدة في 17 تشرين 2019 فاستعاد اللبنانيون إيمانهم بوطنهم، وأملهم بالتغيير، وأملهم بوجود دولة العدل والمؤسسات والمساواة.
انطلقت الإنتفاضة اللبنانية على السائد كله، على كل مشاهد الاستهتار بالوطن، على السلطة وأحزابها وزعمائها وأزلامها لتقول آن الأوان لاستعادة الوطن من أيدهم واستعادة الدولة من سطوتهم وفسادهم وجبروتهم، فقالت كلمتها، وكانت الصرخات المدوية في كل الساحات إنذارا حقيقيا ببدء المواجهة، وبدء معركة استعادة الدولة.
إقرأ ايضا : مسؤولية الإنتفاضة الشعبية بين التكليف والتأليف
انطلقت هذه الانتفاضة بخلفية وطنية ثابتة بعيدا عن الطوائف والأحزاب وكل الاصطفافات السياسية، لتثبت قدرة الشعب اللبناني على التحدي والمواجهة وفرضت مرحلة جديدة في تاريخ لبنان، فرضت أجندتها على السياسيين والأحزاب وأن ما بعد 17 تشرين ليس كما قبله، وأن الوقت قد حان لمعركة التغيير والاصلاح بمعناه الحقيقي، وأن الوقت قد حان للدفاع عما تبقى من هذا الوطن الذي يجب استرجاه من أيدي هؤلاء الذي سرقوه ونهبوه ونهبوه مؤسساته ومقدراته.
لذلك ونحن على أعتاب العام الجديد الأمل كبير باستعادة لبنان الدولة والمؤسسات وباستعادة أمواله المنهوبة ومحاسبة كل المتورطين في سرقة المال العام ومحاسبتهم، وكل ذلك رهن ببناء مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء النظيف والمستقل.
ولتكن هذه الانتفاضة الشعبية المستمرة خشبة الخلاص والعين الساهرة على ما يجري اليوم من التشكيل والتأليف لتنطلق حكومة تلبي التطلعات والاهداف والمطالب المحقة فنصل جميعا إلى بر الأمان.
إن موقع لبنان الجديد يتقدم من اللبنانيين جميعا بأحر التهاني والتبريك ونسأل الله عز وجل أن يكون العام الجديد عام بناء الوطن والدولة، عام لبنان الجديد الذي نريده على مساحة أحلامنا وآمالنا وكل عام و اللبنانيون بألف خير.