بدل أن يهتم السيد علي أكبر ولايتي، مستشار قائد الثورة الإسلامية الإيرانية بأوضاع إيران الداخلية السيّئة، ورفع الحظر الاقتصادي المفروض عليها، وبدل أن يهتم بأحوال المواطنين الإيرانيّين، الذين يُعانون وطأة الفقر والبطالة والجوع والحرمان، والبطش والاستبداد، بدل أن يهتم بذلك، إذ به يُخبرنا عن مشاريعه الإنقاذية في سوريا والعراق ولبنان، لم يُكلّف خاطره ليُرشدنا كيف تمكّن وليُّ أمر المسلمين من قمع أوسع إنتفاضة جماهيرية في إيران خلال أسبوعين فقط بعد إحراق صُوره ومُجسّماته، وكيف تمّ قتل أكثر من ألف وخمسمائة مُتظاهر في الشوارع( بعد أن لاذ معظمهم بالفرار ولاحقتهم الطوافات) ليُعلن بعدها وليّ الفقيه صرف إعاناتٍ لذويهم واعتبارهم شهداء، كيف استوى لدى المرشد: العميل والشهيد؟! الله أعلم.
السيد ولايتي بدل أن يهتم بالأمور العظام في إيران، إذ به يتفرّغ لمساعدة العرب في تجاوز أزماتهم، الولايات المتحدة الأمريكية تسرق نفط سوريا، وولايتي على استعداد لمساعدة سوريا بالقضاء على التواجد الأميركي فيها، هذا في حال طلبت الحكومة السورية ذلك(رسمياً وشرعيّاً)، وكأنّ إيران ليست في سوريا( مع ميليشياتها) منذ أكثر من عشر سنوات، لا بل إنّ ولايتي مستعد لمساعدة العراق في مكافحة النفوذ الأميركي، إنّما كيف ذلك؟! ربما بزيادة وتيرة القمع الدموي للمتظاهرين، أي برفع أعداد القتلى والجرحى والمعتقلين حتى يبلغوا الآلاف، بعدها تخمد الثورة الشعبية وتنتصر الثورة الخمينية، وبعد ذلك يخرج "المستشارون العسكريون" الايرانيّون، كما يحلو لولايتي تسميتهم، من سوريا والعراق، بعد طلب الدولتين ذلك( جرياً على سُنّة عهد الوصاية السورية على لبنان: نخرج بناءً على طلب الحكومة).
إقرأ أيضًا: دياب بحاجة لكاسحة ألغام لولادة حكومته
في لبنان، كفى الله الإيرانيّين شرّ القتال، عندهم حزب الله وترسانته العسكرية، فلا حاجة لتدخُّلٍ إيرانيٍّ مباشر كما هي الحال في سوريا والعراق، لا سيّما أنّ السيد ولايتي مطمئن لتكليف الدكتور حسان دياب مهمة تأليف الحكومة الجديدة، وبعد ذلك سيخفُت نبض الانتفاضة الشعبية تلقائياً، ولا حاجة للعنف الدموي كما حصل في سوريا والعراق واليمن، إنّما ولحُسن الحظ، حساباتك خاطئة يا سيد ولايتي، إن لم تكن في معظمها في سوريا والعراق، فهي خاطئة بالتّأكيد في لبنان، فشعب لبنان انتفض بحقٍّ وجرأة في السابع عشر من تشرين الأول الفائت، ولا عودة لما قبل ذلك التاريخ.