بعد لبن العصفور والمعاز وما طاب من حليب السلطة إعتذر سعد الحريري عن العودة إلى الحكومة المشروطة بتمثيل سياسي للثلاثي أمل وحزب الله والتيّار الوطني ولم تضعف من موقفه جولات من المفاوضات مع الثنائي الشيعي لتغليب رأيهما على رأيه وهذا ما دفع بالتيار الحر إلى إعلان المعارضة وعدم الدخول بالحكومة الحريرية ولكن تراجع الحريري عن تفاهمه مع الثنائي ورفضه لتمثيل ضعيف بعد علمه بموقفي القوّات والحرّ من عدم تسميته الأمر الذي حال دونه ودون الحكومة .
رفض الحريري قد أسرع في إعادة توحيد قوى 8 آذار على تسمية جاهزة وغبّ الطلب لحسان دياب ووفق تشكيل حكومي مفتوح على إختصاصيين وغير سياسيين كما أعلنت الكتل النيابية وخاصة كتلتي أمل وحزب الله وكتلة التيّار الحرّ في إستشارات سريعة سهلت من إيصال الرسالة للخارج بأن شروط المجتمع الدولي وخاصة الشروط الأميركية قد توفّرت في حكومة الدياب بمعنى أن المعارضين على الشروط الأميركية قد أسرعوا في تلبيتها ودون قيد أو شرط حتى لا يأتي المبرد الأميركي ويكمل من أكل لحم الجسم اللبناني وبالتالي يصبح الجميع خارج هذا الزمن .
تبين أن الحجج المبذولة من الثلاثي بوجه الحريري هي من قبيل تعذير الحريري كي يعتذر ويذهب إلى غير رجعة لأنها إنتفت تماماً مع حسان دياب ولم تعد ضرورات الممانعة والمقاومة مطلوبة منه بل قيل له إفعل ما شئت في إختيارات وزارية مختصة في معالجة الأزمة وهكذا تبيّن أن الضرورات ما هي إلاّ شعارات لشد العصبيات وليست مرتبطة بحماية طائفة أو جهة أو محور أو صيغة أو عهد أو ما هنالك من طروحات أصمت آذان اللبنانيين من قبل الحراك وأثنائه وبعده وهذا ما أضمر بؤس السياسة في لبنان كونها تعتاش على الكذب اذ أن الثوابت تتحوّل في لحظة إلى مجرد تفاصيل يُستغنى عنها ولا ضرورة للتشبث بها والوقوف عندها .
إن تجاوب الثلاثي مع الشروط الخارجية يكشف عن عورة السلطة الحاكمة وخواء محور تنتمي إليه ولا يستطيع المساهمة بشيء على الإطلاق رغم ما قدمه لبنان لهذا المحور من أثمان غالية ورغم تعاسة هذه السلطة وعدم إمكانيتها على مواجهة الحصارين السياسي والإقتصادي فهي تلجأ إلى أعدائها في المحور الآخر كيّ ينقذها مما هي فيه من قلّة حيلة لذلك تعتمد على مقربين ووسطاء للولايات المتحدة كي تستجدي حلولا ً وعوناً ومالاً من سدر ومن غير سدر ومن دول التنابل كي يرفعوا من شأن لبنان المالي والإقتصادي بتوسل ورجاء بعد أن بلغ الجوع مبلغه وباتت الأزمات متعددة ولا حصر لها ولا إمكانية لحلّ مشكلة واحدة منها دون الإعتماد على الأعداء .
إقرأ أيضًا: بعد لبن بري نصرالله يهتف للحريري
حتى يكون هذا المحور صادقاً مع نفسه وأميناً لشعاراته وواثقاً من ممانعته ومقاومته عليه أن يذهب بالإتجاه الآخر وهذه فرصة لا تعوض ولعن الله أميركا والعرب التنابل وأوروبا وعملاء الداخل من القوّات الى التقدمي الى المستقبل الى كل جهة مؤيدة للحراك ولعن الله الحراك الوطني نفسه وهو صنيعة السفارات وعملاء وكل ما قلتم فيه صحيح وأنتم أشرف الناس ولا جدال في ذلك فإذهبوا الى الصين وروسيا وإيران وسورية وكل الدول المعاقبة من أميركا الشيطان الأكبر وحلّوا المشاكل الإقتصادية ووفروا الماء والكهرباء وفرص العمل وسدوا الديون وسيكون لبنان وحده خندق المواجهة للشيطان الأميركي والصعلوك الإسرائيلي ولعرب الإستسلام .
إنّها الفرصة فلا تضيعوها وتعودون لمقولة أن هناك من لا يريد للبنان أن ينعم بخيرات محور الممانعة . هاتوا الصين الهند والسند ومن شئتم من دول ضدّ سياسات أميركا اللعينة ونحن معكم لننعم بخيرات الودائع الصينية والروسية والإيرانية وبإستثماراتهم نحن بلد معاد لدول الإستعمار والإستحمار فليقدموا لنا الأموال التي نطلبها من اعدائنا فهم أولى بالدفع وتقديم المساعدات وأيادي العون .
في الأيام الأولى للحراك تحرّك السفير الروسي وندّد بالسياسات المحاصرة للبنان وعندما طٌلب منه تقديم مساعدات مالية كي نترك أميركا عدوة الشعوب هرب وغاب ولم يعد .